رغم حداثة الجيرة بينهم والتي لا تتعدى مدتها الـ3 أشهر، إلا أنّ صوت الانفجار الضخم الذي تبعه آخر فاقه في الارتفاع، لتهتز على إثره جدران منازل شارع عاطف الزمر بقرية طناش القريبة من حي الوراق بالجيزة، وتتصاعد نداءات الاستغاثة وألسنة اللهب لتلتهم النيران كل ما في طريقها، كانت كفيلة لأن يضحي أسامة بخاطره، الرجل الأربعيني بحياته في سبيل إنقاذ جيرانه من الحريق المروع الناتج عن انفجار اسطوانتي غاز حصد معه أرواح 4 أفراد بينما ترقد الضحية الخامسة ذات الـ9 سنوات في أحد المستشفيات لتلقي العلاج بعد أن وصفت حالتها بالحرجة نتيجة احتراق 70% من جسدها.
أمام المنزل المجاور للبناية التي شهدت الحادث كان الحزن يخيم على الحضور الذين جلسوا داخل صوان العزاء الذي تم إقامته بينما يعلو في الخلفية آيات من القرآن لتتزل السكينة والرحمة على ذوي الشهيد «أسامة»، كما يصفه سكّان القرية، حيث كانت الملابس السوداء تكسو الأجساد والوجوه التي تغيرت ملامحها من البكاء والنحيب.
“أسامة أخويا أول ما سمع الانفجار جري على البيت ومافكرش لحظة في إنه ممكن يموت وإحنا ماعرفناش إنه جوا غير لما مراته قالتلنا بعد ماطفينا الحريق»، بهذه الكلمات وبصوت يملؤه الحزن والأسى بدأ الشقيق الأصغر للضحية حديثه، حيث يقول إنّ الحادث وقع يوم الخميس الماضي، وتحديدا في تمام الـ 3 عصراً ويتابع: «الشارع كله سمع صوت الانفجار والحيطة اتهزت وأسامة دخل عشان يطفي الحريقة والنار اللي كانت طالعة من الشباك بس دخل وماخرجش غير على القبر»، ليلفظ الرجل أنفاسه الأخيرة في الحال تاركاً وراءه زوجة و4 أطفال.
حالة من الصدمة والذهول أصابت أحمد إبراهيم، نجل الضحية الذي انفجرت داخل شقته اسطوانتا الغاز، يروي الشاب العشريني تفاصيل الحادث الذي أودى بحياة والده ووالدته وشقيقه، حيث يقول إنّ والدته كانت تعد طعام الغداء باستخدام موقد صغير وضعته في صالة المنزل بعدما نفدت الأسطوانة الأساسية في المطبخ.
ويتابع: «يوم الحادث كنت في الحمام وسمعت أمي بتقول يا ساتر يا رب وفجأة سمعت صوت قوي جداً، ولما فتحت الباب نار داخله عليا الحمام وأبويا النار ماسكة فيه وجسمه سايح وبيشاورلي اني ماقربش منه»، ويضيف: «كسرت شباك الحمام ونطيت في المنور ودخلت الصالة لقيت أمي محروقة، وباقي منها العضم بس ومرمية على باب الشقة وأخويا النار ماسكه فيه وعمال يجري في الشقة لحد ما صفت خالص وماعرفتش ألحق غير ندى أختي لفيتها بملاية ودلوقتي هي في المستشفى وحالتها خطيرة».
ويشير إلى أنّه كتب له ولشقيقيه الآخرين عمر جديد بسبب عدم تواجدهم في مكان الحادث لحظة وقوعه ويقول: «عم أسامة كان داخل ينقذ أبويا وأمي بس النار شبطت فيه هو كمان، وكان عامل زي حتة الشمع اللي ساحت وماقدرش حتى يتحرك ورجليه لزقت في الأرض من النار».