
قد يقول البعض أنني أسأت الأدب مع الله عندما قلت على الإنسان “أسوء ما خلق الله” وهو صنعة الله المحكمة التي فضلها على سائر خلقة واختاره لتحمل الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال على حملها والله لم يخلق شيئاً عبثاً أو سيئأ وطبيعة البشر الخطيئة والإساءة فخطيئة آدم أخرجته من الجنة وخطيئة قابيل أفقدته شقيقه وسنده فإنًا أبناء الخطيئة ولا يعني ذلك أني أتجرأ على الله “الذي أحسن كل شئ خلقة”
أنا لا أعيب على صنعة الله ولا أعقب عليها لأن قوانين البشر الوضعية لا تقبل التعليق فيكيف على أمر الله,
لما خلق الله الدنيا منح حرية اختيار عبادته لما خلق فأختارت الملائكة وباقي الخليقة التكليف جبراً “وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم” لكن هذا الإنسان الذي اختار حرية العبادة لجهله بأمر الله اختار أن يعبد الله بمطلق الحرية وعبد الله اختياراً وليته كان على قدر المسئولية فتوالت عليه التكايف تباعاً وبعث الله الرسل لتوطيد العلاقة بين الخالق والانسان “فمنهم من آمن ومنهم من كفر” حتى وصل الجحود بهذا الإنسان أن يقال فيه “فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون” فمن يجحد أمر الله مخلوق سيئ
هذا الإنسان الذي كرمه الله على سائر خلقه “ولقد كرمنا بني آدم” هذا التكريم لصنعة الله وصَنعة الله غالية لكن تصرفات الإنسان الوضيعة كانت سبباً أساسياً في ظهور الفساد في الأرض “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيد الناس” ولم يلعن الله شيئاً مما خلق غير إبليس لأنه رفض عبادة الله والأنسان لأنه خان الأمانة وعاث في الأرض فساداً,
هذا الإنسان الذي منح عطايا السماء وأتمن على حفظ الكتب السماوية التي تنظم حركة الحياة حَرف هذه الكتب حتى تتماشا مع هواه وانحرافاته عن المنهج الصحيح وقتل الأنبياء الذين هم صفوة خلق الله ” مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا” 46 النساء
هذا هو الإنسان أسوء مخرب للطبيعة وأكبر قاتل وأشر منحرف عن الحق يقول الله في الحديث القدسي” خيري إلى العباد نازل ، وشرّهم إليّ صاعد أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ”
هذا هو الإنسان الذي فوضه الله لإعمار الكون اغتر بما في يده من رزق الله وتعالى على خلقه ونسب الخير لنفسه متجاهلاً نعمة الله عليه قائلاً “إنما أوتيته على علم عندي” ومع هذا كله يخاطبه ربه بلسان ودود موجهاً إليه رسالة حب وتقدير مع كفره وتكذيبه للدين طالباً منه أن يعود إليه وفي حالة عودته يجد ربه فرحاً به” يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴿٦﴾ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴿٧﴾ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴿٨﴾ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴿٩﴾ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ) سورة الانفطار قال الله لموسى ”
ما أرحم الله لصبره على هذا المخلوق السيئ المخرب الذي يستحق وبجدارة أن يكون “أسوء ما خلق الله”.