
د/ماجد فياض
بينما كانت السينما الناصرية القديمة ،وما بعدها ترسم صورة نمطية للبطل فهو الفقير الذي قهرته الظروف ، لكنه حول أحلامه يطوف ، يملك إرادة فولاذية ، ومثابر شغوف ، مثقف شهم عطوف ، مفعم بالطموح لا يعذبه عن أهدافه كسوف أو خسوف ، والذي يستطيع في نهاية الفيلم أن يكون له ما أراد و يتزوج البنت الغنية، وعلي بن الجنايني ليس وحده الذي يستطع أن يتزوج الأميرة إنجي!.
البطل يحقق ذاته وأحلامه ، وينتصر علي ظروفه القاسية دائما مهما بلغ الأمر تعقيدا ، متسلحا بإرادة لا تلين، يرتقي في السلم الإجتماعي منطقيا باستخدام الوسائل المشروعة للارتقاء في إطار درامي يمكن للمشاهد من خلاله استلهام قصص النجاح .
بينما ترسم السينما الحديثة الآن ، ومن قبلها فعلت أغاني الفيديو كليب صورة مغايرة للبطل الجديد فهو الوسيم الذي يركب أحدث السيارات الفارهة ويرتدي أحدث الموديلات ، ويسكن أفخم الفيلات ذات السُرِر الناعمة الموضونة ، بحمامات السباحة الخاصة ،في (كومبوندات) شاسعة الخضرة ذات أسوار وحراسة، يتحدث نصف عربي ونصف لغات أخري ، وتكاد تشم عطره النفاذ من شاشة التلفاز .
هو إذن إعلام الرغبات الذي يزرع صورة خبيثة في أرض بوار ، مؤكدا علي ثقافة استهلاكية بغيضة، تعلي من القيم المادية، وتسحق تحت أقدامها قيم العلم، والثقافة ، والكفاح تلك الأدوات التقليدية للارتقاء ، واستلهام النجاح ، وترسم صورة ذهنية أنك لن تكون سعيدا، ولن ترغب فيك النساء ، ولن تحقق أحلامك ، ولا طموحاتك ، ولن تستطيع أن تبلغ مع هذا المجتمع صبرا إلا اذا كنت تمتلك كل مقومات هذا البطل.
أما أغاني المهرجانات الشعبية التي لا أنكر أنها طرب قطاع كبير مهمل يسكن علي أطراف الحكمة والحياة، فقد لعبت علي وتر الشهوات ،والغرائز، وأعادت تعريف مفهوم البطل الشعبي إلي ( البطل اللي يسد في سجنه) حسب كلمات مهرجان كارت اباتريل.