حالة من الجدل أعقبت عودة الدكتور البرادعي إلى مصر عام 2010 . ففي حين رأى البعض فيه الفارس الذي جاء ليخلص مصر من حكم مبارك ، رأى الآخرون به موظفاً أمريكياً مثالياً وهي الاتهامات التي رد عليها أنصار البرادعي بأنها محاولات غير مقبولة لتشويهه. استمرت حالة الجدل حول مواقف الدكتور البرادعي بين مؤيد ومعارض إلى أن تحولت إلى خلافات بين مؤيديه داخل حزبه (حزب الدستور) الذي قام بتأسيسه خاصة موقفه من أحداث ميدان رابعة ليتجرع “البرادعي “وهو مؤيد لثورة 30 يونيو من الكأس الذي سقاه لمصر حين تخلي عن منصبه وعن الثورة التي أيدها عقب أحداث ميدان رابعة العدوية.انقسم مؤيدو البرادعي حول موقفه ورأينا استقالات بالجملة من حزب الدستور وهو ما أضعف الحزب كثيرا وجعل من صفحات الحزب عبر وسائل التواصل الاجتماعي صفحات لتبادل الاتهامات والشتائم .
لم يكن تأثير تخلي “البرادعي” عن منصب حساس في لحظات حرجة من تاريخ مصر على حزبه فحسب ,بل امتد ليمس سمعة مصر بدلاً من أن يدافع عن الثورة التي سار فيها وأيدها,وعزز من الانقسام سفره إلى النمسا وانقطاعه حتى عن أنصاره شعر البعض بفترات انقطاع تطول في أوقات بعتبر الصمت فيها جريمة .. في حين أن البعض الآخر رأى فيه انساناً بعيداً عن المناصب السياسية .. ولا يعمل إلا في الهواء الطلق.
توالت المواقف الصادرة من البرادعي والمواقف الأخرى منه إلا أنه ما زال له أنصاره بالشارع السياسي ينتظرونه .. وهو ما حدث مؤخرا فالبفعل إذ أرسل له البعض يطالبونه بالعودة إلى مصر والترشح للرئاسة . ماذا يريد شباب الدستور من مؤسس الحزب الدكتور البرادعي وتأثير عودته على حزبه هو ما حاول التحقيق استكشافه عبر السطور التالية:
وليد الشيخ – الإعلامي والقيادي بحزب الدستور- متفائل جدا بعودة البرادعي التي ستؤدي إلى حالة من الهدوء داخل حزب الدستوروحالة من استعادة “للعقلانية” و”المصالحة” ، مقابل تيار “الإقصاء” بل و”الإستئصال” ، وهو ما يعرفه أي قارئ للسياسة فمن المستحيل القيام بذلك ضد ملايين الناس من أنصار التيار الإسلامي ، خاصة أن مصر ستدخل مرحلة إستحقاقات “شبه ديمقراطية” الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأضاف أن أن أزمة إستقالة الدكتور البرادعي كشفت بعض الإنتهازيين الذين إنضموا للحزب فقط للإستفادة من إسمه وحتي يكونوا في حزب السلطة ، وحين إتخذ موقفه المحترم، وبدي لهم أنه أصبح حزب المعارضة إنسحبوا. أما عن موقف البرادعي فهو يتوافق مع فكره وقيمه ، وكذلك حزب الدستور المدني الذي يعلي قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
وذكر لنا أن التسريبات عن ترشح البرادعي لرئاسة الجمهورية ربما يكون الهدف منها ترسيخ مبدأ ترشح أي مواطن مثله ومثل آلاف المصريين المحترمين ، حتي لا يأتي أحد ليسأل “ومن يصلح ليكون رئيسا” ، كما كانوا يقولون سابقا “ومن يصلح رئيسا سوي مبارك .. أو جمال مبارك” !.
على الجانب الآخر نجد المهندس باسل عادل – عضو الهيئة العليا لحزب الدستور- ليس على نفس الدرجة من التفاؤل حيث يرى أن الزيارة للقاهرة بعد طول انقطاع ستعزز من الانقسام داخل حزب الدستور بعد أن باتت واضحة بعد أن تخلي الدكتور البرادعي عن دوره فيه وهو ما لم يكن ينتظره شباب الحزب الذين رأووا فيه الأمل الذي طال انتظارهم له خاصة الفترة الماضية. وفيما يتعلق بعودته إلى حزب الدستور ذكر لنا باسل عادل أن البرادعي جمد عضويته في الحزب عقب توليه منصبه كنائب لرئيس الجمهورية وبالتالي هو عضو عضويته بالحزب مجمدة.
وبالرغم من استقالته من المكتب السياسي لحزب الدستور يرى د. أحمد حافظ أن الدكتور البرادعي هو الملهم والمؤسس لحزب الدستور وتوكيلات حزب الدستور باسمه والحزب يدعمه بكل قوة في أي منصب سياسي يرغب فيه سواء رئاسة الجمهورية أو أي منصب آخر لأنه بالنسبة لهم رجل صاحب مبدأ لا يحيد عنه. كما يرى أن الدكتور البرادعي بعد عودته يمكن أن يكون له دور عظيم في إثراء الحياة السياسية في مصر . وسوف يزيد تواجده في القاهرة من تماسك الحزب وأنهم جميعاً في انتظاره.
وهو مالم توافق عليه شيماء صلاح خلف –عضو حزب الدستور بالأسكندرية- حيث رأت أن الدكتور البرادعي قتل الحزب قبل إتمام عامه الأول بعد أن هرب من المسئولية في لحظة حرجة جعلت الحزب ينقسم على نفسه ويشعر باضطراب في ترتيب أولوياته . ورأت سفره في هذا التوقيت خيانة للثقة التي منحوها له فذهب دون أن يستشيرهم أو يخبرهم بل ظل في صمت لمده لا تقل عن شهر حتي بدا يظهر من جديد ليهني الحزب بعيد ميلاده الاول.
وأضافت أنها ومع كل هذا تعتبر الدكتور البرادعي الأب الروحي لحزب الدستور . وجاحد من ينكر أن من أنضم للحزب انضم له على شرف تأسيس الدكتور البرادعي له . ولكنها طلبت منه أن يرحل ويتركهم يكتشفوا طريقهم بأنفسهم ويتعلموا من أخطائهم وأخطاء غيرهم .
أما الأستاذ بدر البنداري – عضو لجنة الحكماء بالحزب- فلا يرى في الدكتور البرادعي الشخصية القيادية في هذه المرحلة بالتحديد التي تحتاج إلى قوة وروح قيادية وهو ما يفتقر إليه البرادعي الإنسان الذي يتميز بحكمة وقدرة على التفاوض وبالتالي فهو لا يرى الدكتور البرادعي في رئاسة الجمهورية ولكن يراه في مجلس للحكماء أو استشاري . ورحب البنداري بعودة البرادعي في مصر لأنها سوف تعيد الصوت المتوازن إلى الساحة السياسية وهو ما نفتقد فعلاً في المرحلة الحالية فالعنف لا يأتي إلا بالعنف والإسلاميين جزء من الشعب المصري.
وبالنسبة لحزب الدستورفإن ما حدث هو بمثابة اختبار رسب فيه من كانوا سبب في إفشال الحزب وإحداث حالة من الانقسام داخله بسبب تواجدهم بداخله أمثال الدكتور أحمد البرعي ، شادية الغزالي حرب ، أحمد المغازي.
في نفس الوقت اعتبر محمد المليجي- عضو مؤسس مقيم بالخارج- عودة الدكتور البرادعي ليس كسابقتها في 2010 بعد أن ضاع حلم التغيير , حيث كان من الممكن للحلم أن يكتمل في مجتمع متصالح مع نفسه في بلد ديمقراطي لكننا مجتمع يكره نفسه إلى حد من الصعب فهمه أو تحليله ولكن هذه الغودة نعتبرها عودة للأب الروحي لنا.ولكننا لن ننسى أنه خذلنا وكادت أن تتسبب استقالته في انهيار مؤسسات الدولة بعد أن كنا على شفا حرب اهلية ولم يكتف باستقالته بل غادرالبلاد دون أن يوضح لأنصاره وجهة نظره في تلك الاستقالة .
الجدير بالذكر أنه عند سؤال الدكتور حسام عبد الغفار القائم بأعمال الأمين العام لحزب الدستور عن مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية ذكر لنا أنه لم يتم حتى الأن الاستقرار على اسم المرشح وأن الموضوع لازال محل دراسة.