واجه الذهب ثلاث رياح معاكسة رئيسية خلال عام 2018 عصفت به للأسفل ليسجل أول خسارة سنوية في ثلاث سنوات، حيث قام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة أربع مرات متتالية على مدار العام مؤكدًا على استمراره في تشديد سياسته النقدية في عام 2019، في حين كانت قوة الدولار الأمريكي ومكاسبه الواسعة أمام أغلبية العملات الرئيسية كانت عامل ضغط على الأسعار المباشرة للذهب الذى فقد الكثير من بريقه، أما الرياح المعاكسة الثالثة التي أثرت على الذهب المستويات المنخفضة نسبيًا من تقلبات أسواق الأسهم.
وعلى الرغم من الاضطرابات التي حدثت في اقتصادات الأسواق الناشئة والحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين على مدار أشهر خلال العام الماضى إلا أنها لم تكن جاذبة بقوة لتدفق الاستثمارات إلى الذهب، فقد هوى الذهب دون مستوى الدعم النفسى 1200 دولار في شهر آب/ أغسطس للمرة الأولى في أكثر من عامين ونصف.
الكثير من المحللين يلخص تراجع الذهب في عام 2018 إلى قوة الدولار الأمريكي وتسارع عمليات شراء العملة الخضراء كعملة احتياطية، في المقابل تباطأ الطلب على شراء الذهب كملاذ أمن واستثمار بديل، بالرغم من التوترات السياسية والاقتصادية في العديد من دول العالم.
لكن المعنويات تحسنت في الأشهر الأخيرة لترتفع في الربع الأخير من العام الماضى لتحقق أكبر ارتفاع فصلى فيما يقرب من عامين، وسط توقعات قوية بمزيد من المكاسب في 2019.
وفى كانون الثانى/ يناير 2019 تماسكت أسعار الذهب عند مستوى 1280 دولار للأونصة ثم اكتسبت قوة دفع في شباط/ فبراير مخترقة مستوى الدعم النفسى التالى 1300 دولار للأونصة.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب
تأتى تلك المكاسب القوية بسبب الحالة الضبابية التي تلوح في آفاق الاقتصاد العالمى، حيث تشير البيانات الاقتصادية في الصين وأوروبا ثانى وثالث أكبر اقتصادات في العالم على التوالي إلى وجود تباطؤ في النمو الاقتصادى بما سيؤثر على الاقتصاد العالمى.
وقد قام صندوق النقد الدولى بتخفيض توقعاته لمعدلات النمو العالمى خلال العام الجارى والعام المقبل، آخذًا في اعتباره استمرار النزاعات التجارية وتصاعد المخاطر السياسية.
ومن جهة أخرى ارتفعت التوقعات بوقف البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة خلال هذا العام، خاصة بعدما تعهد البنك الاحتياطي في بيانه الختامي الذى عقد في 29-30 كانون الثانى/ يناير بالتحلى بمزيد من الصبر في رفع أسعار الفائدة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، مما ساهم في ارتفاع أسعار الذهب.
كان الذهب أحد المستفيدين الرئيسيين من المحادثات التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث زادت من آمال المستثمرين بالتوصل إلى اتفاق تجارى يُنهى على النزاعات التجارية بين الطرفين التي استمرت عدة أشهر، وقد انعكس ذلك بشكل ايجابى على الأسواق حيث زادت شهية المخاطرة لدى المستثمرين فزاد الطلب على شراء الأصول ذات المخاطر العالية وتباطؤ الطلب على الدولار الأمريكي، مما أضاف المزيد من الزخم للمعدن الأصفر.
وتدعم أسعار الذهب الإشارات الحمائمية من العديد من البنوك المركزية العالمية التي تبدأ من استراليا واليابان وأوروبا حتى الولايات المتحدة بعد البيانات الاقتصادية الضعيفة التي صدرت في الفترة الأخيرة.
قال بنك جولدمان ساكس إن أسعار الذهب في نهاية عام 2018 جيدة وجذابة للاستثمار، وأوضح البنك أنه في حال تراجع النمو في الولايات المتحدة هذا العام فسيكون ذلك فرصة عظيمة للذهب الذى سيستفيد من تزايد الطلب على شراء الأصول التقليدية.
ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه الصعودى للذهب على الأقل في الربع الأول من عام 2019.