أطاح أعضاء مجلس النواب الأميركي برئيسه كيفن مكارثي، في خطوة تعد الأولى في تاريخ الولايات المتحدة وسط صراع داخلي بين الجمهوريين.
وللمرة الأولى في تاريخه الممتدّ منذ 234 سنة، صوّت مجلس النواب بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 لصالح مذكرة طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري تنص على اعتبار “منصب رئيس مجلس النواب شاغراً”، في خطوة تشرّع الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافة ماكارثي قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وصوت 8 جمهوريين ضد زعيم حزبهم وانحازوا إلى 208 أعضاء ديمقراطيين، ما ساهم في الإطاحة بمكارثي على الفور.
ويمهد التصويت غير المسبوق، الطريق لانتخابات رئيس جديد لمجلس النواب الأميركي، على الرغم من أن مكارثي لم يستبعد طرح اسمه لإعادة انتخابه للمنصب مجددًا.
بيد أن التصويت التاريخي يُسلط الضوء على الانقسامات الحادة في الحزب الجمهوري، ويهدد ببدء حقبة جديدة من الشغور في واشنطن، فلا يمكن لمجلس النواب القيام بأعمال تشريعية حتى يتم انتخاب رئيس جديد له.
تمرد جمهوري
قاد التمرد الجمهوري ضد مكارثي، مات غيتس، عضو الكونغرس المثير للجدل من فلوريدا الذي قرر تنفيذ خطوته بعد أن أبرم رئيس مجلس النواب صفقة مع الديمقراطيين لتجنب الإغلاق الحكومي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب بهامش ضئيل للغاية، مما يمنح عددا صغيرا من متمردي الحزب الجمهوري السلطة في معركتهم ضد مكارثي.
قدم النائب الجمهوري المتشدد، مات غيتس، مقترحا للإطاحة بكفين مكارثي، إذ ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن غيتس يعبر بمقترحه هذا عن الغضب إزاء نجاح جهود رئيس مجلس النواب الأميركي على تفادي الإغلاق الحكومي في عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن تجاهل مطالب لهم.
في وقت سابق يوم الثلاثاء، استبعد قادة الديمقراطيين اقتراحات بمساعدة مكارثي في الحفاظ على منصبه، ونصحت أعضائها بـ”التصويت بنعم” للإطاحة برئيس مجلس النواب.
انتخب رئيس مجلس النواب في يناير الماضي بأغلبية بسيطة، وبشق الأنفس بعد 15 محاولة تصويت، وهو أمر لم يحصل في التاريخ السياسي الأميركي منذ 160 عاما.
وصل مكارثي (57 عاما) إلى المنصب الثالث في النظام السياسي الأميركي بعد أن قدم تنازلات كبيرة لحوالى 20 نائبا من أنصار الرئيس السابق، دونالد ترامب.
فقدان الثقة
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، اعتبر عضو الحزب الديمقراطي الأميركي مهدي عفيفي، أن عزل مكارثي يدخل الولايات المتحدة في نفق لم تدخله على مدار تاريخها.
وأوضح “عفيفي” أن مكارثي ارتكب العديد من الأخطاء خلال الفترة الماضية، على رأسها تغيير اللائحة الداخلية للمجلس، بعدما أتاح لأي عضو واحد أن يقدم مشروع قانون لعزل رئيس المجلس.
وكان ذلك من بين التنازلات التي قدمها مكارثي لأنصار ترامب، بتعديل النظام الداخلي للحزب، بحيث سيكون بمقدور أي نائب ساعة يشاء أن يدعو لإجراء تصويت لتنحيته.
وأضاف عفيفي أن “هذا المشروع لم يكن موجودا قبل ذلك، وهذا أحد الأمور التي فرضها المتشددين أو أنصار ترامب على مكارثي”.
وأشار على أن وقت انتخابه رئيساً لمجلس النواب حدثت 15 جولة من التصويت حيث نجح بعد 14 محاولة فاشلة، وكان بسبب تقديم تنازلات للجمهوريين المتشددين داخل حزبه.
الأمر الآخر في رأي عضو الحزب الديموقراطي، يتمثل في الموافقة على بعض مشروعات القوانين غير الطبيعية وتغيير قواعد اللعب في مجلس النواب بدعم المتشددين وهم عادة 6 نواب وانضم إليهم 4 آخرين مؤخراً.
واستكمل: “مكارثي تلاعب ولم يفي بوعوده للديمقراطيين وتسبب في تعطيل الحكومة الفيدرالية ودعم ترامب وأدى لما نراه داخل مجلس النواب حاليا، في حين كانت هناك محاولات لاستقطاب بعض الديمقراطيين للتصويت ضد عزله لكنها لم تنجح، كما تلاعب أيضاً بأنصار ترامب، وسقطت عنه الثقة في الكثير من الأمور”. واختتم حديثه بالقول إن “هناك مباحثات في الكواليس حالياً، لكن لا يمكن التنبؤ بماذا يحدث