أعلنت وزارة الشباب والرياضة في تونس، الخميس، اعتقال رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء وإحالته على التحقيق بتهم تتعلق بالفساد المالي وسوء التصرف وذلك في ملفات عقود بين إتحاد الكرة والمدير الفني لمنتخبات تونس للشباب.
وأثار خبر اعتقال الجريء، الذي يعد من المسؤولين الرياضيين المقربين من حركة النهضة الإخوانية، وصاحب أطول فترة رئاسة في تاريخ اتحاد الكرة، سيلا من التفاعلات وردود الأفعال، فيما أثارت مصادر إعلامية مسألة التداعيات المحتملة على العلاقة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وعلى مشاركات منتخب تونس لكرة القدم المقبلة فضلا عن مشاركة الأندية التونسية في المسابقات الإفريقية للنوادي.
ووفقا لما أكده المتحدث الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة شكري حمدة، اعتقلت السلطات القضائية في تونس وديع الجريء في ساعة متأخرة من ليلة الخميس واقتادته نحو مركز الأمن بالعاصمة تونس قبل أن يتم الاحتفاظ به في انتظار مثوله أمام القضاء اليوم والاستماع إليه بخصوص التهم التي نسبت إليه والتي تتعلق بشبهات إدارية ومالية وإبرام عقود خلافا للصيغ القانونية والتراتيب الجاري بها العمل وفقا لما أورده المتحدث الرسمي لوزارة الرباضة.
وأضاف حمدة في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام أن اعتقال الجريء الذي يراس اتحاد الكرة التونسي منذ 2012 جاء بناء على شكاية تقدم بها وزير الشباب والرياضة كمال دقيش في فبراير الماضي بعد عملية تدقيق أفضت إلى الكشف عن شبهات فساد إداري ومالي وسوء تصرف في إبرام عقد المدير الفني السابق لاتحاد الكرة الصغير زويتة.
وكشف المتحدث أن العقد الذي أمضى عليه وديع الجريء رئيس اتحاد الكرة للتعاقد مع الصغير زويتة في منصب مدير فني لمنتخبات تونس للشباب تضمن إخلالات مالية وإدارية وشبهات فساد كانت وراء توقيفه ليلة الخميس بناء على مذكرة من المدعي العام في انتظار مثوله أمام القاضي في وقت لاحق من اليوم.
ويشار إلى أن الأجهزة القضائية أصدرت في شهر سبتمبر الماضي بطاقة تحجير للسفر في حق الجريء الذي يعد أحد أبرز الشخصيات الرياضية المقربة من الرئيس السابق لحركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، وواحدا من الداعمين السريين للحركة الإخوانية.
وفي 2013، كان الجريء وجه رسالة رسمية لراشد الغنوشي للتشكي من وزير الرياضة في تلك الفترة طارق ذياب والمطالبة بوضع حد لما اعتبره نوعا من التضييقات التي يمارسها عليه وزير الرياضة آنذاك.
وبدوره، لم ينف الجريء قربه من حركة النهضة، لكنه تبرأ من الاتهامات التي لاحقته من قبل أحزاب أخرى كونه واحدا من الذين ساهموا في الحملة الانتخابية للحركة ولرئيسها راشد الغنوشي إبان الانتخابات التشريعية في 2014 ثم 2019.
وترأس الجريء (51 عاما) اتحاد كرة القدم منذ مارس 2012، وأعيد انتخابه في 2016 ثم 2020 ليكون بذلك صاحب أطول فترة رئاسة في تاريخ اتحاد الكرة.
وتطرقت مصادر إعلامية إلى التداعيات المحتملة لتوقيف واعتقال رئيس اتحاد الكرة على مصير مشاركات منتخب وأندية تونس بالمسابقات الإفريقية وإمكانية صدور قرارات بالشطب والإقصاء من المشاركة، لكن خبيرا في القانون الرياضي نفى تلك الفرضية مؤكدا أن الشبهات التي تلاحق وديع الجريء تتعلق بقضايا مدنية وليست رياضية
وقال الأستاذ علي عباس الخبير المتخصص في النزاعات الرياضية للموقع إن الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا لا يتدخل في مثل هذه الإجراءات القضائية التي لا يترتب عليها أية آثار أو عقوبات لا على الإتحاد والمنتخبات ولا على الأندية التونسية.
وقال علي عباس الذي يتولى نيابة عدد من النوادي التونسية والعربية في هياكل التحكيم الرياضي الدولية إنه “من المحتمل أن تتولى الفيفا مراسلة إتحاد كرة القدم من أجل الإستفسار عن الوضعية الراهنة بعد اعتقال رئيس الإتحاد والفرضيات الإدارية المحتملة لا غير”.
وكانت الجهات القضائية في تونس اعتقلت مؤخرا عددا من المسؤولين والوزراء السابقين المنتمين أو المحسوبين على حركة النهضة الإخوانية، فيما أصدرت أحكاما بالسجن سواء حضوريا أو غيابيا بتهم مختلفة من بينها الفساد وغسيل الأموال والتآمر على أمن الدولة والتحريض على حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض وغيرها.
ومساء الأربعاء أصدرت محكمة تونسية حكما يقضي بسجن رفيق عبد السلام وزير الخارجية الأسبق وصهر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي غيابيا لمدة خمسة أعوام مع النفاذ العاجل من أجل تهمة نشر الأخبار الزائفة والإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي أبريل من العام الجاري، تم إيداع رئيس الحركة الإخوانية راشد الغنوشي السجن بعد ثبوت اتهامه بالتآمر على أمن الدولة وذلك على خلفية تسريب مقطع فيديو لمحادثة جمعت بينه وبين قيادات من جبهة الخلاص الوطني المعارضة للرئيس قيس سعيد
اعتبر فيها أنّ “إبعاد الإسلام السياسي أو اليسار أو أي مكون في تونس مشروع لحرب أهلية”.
كما صدرت في تلك الفترة بطاقات إعتقال وإيداع بالسجن في عدد من قياديي النهضة من بينهم عضو البرلمان السابق عن الحركة الصحبي عتيق والوزير السابق محمد بن سالم فضلا عن خيام التركي وأحمد العماري وآخرين بعد إدانتهم بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والتدبير لتغيير هيئة الدولة والتحريض على حرب أهلية.