كانت رحمته صلى الله عليه وسلم لأدق الأشياء نصحا لأمته فأوصى فى حديث عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( من مر فى شىء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصلها بكفه ).
والنبل هو السهام التى يرمى بها وأطرافها تكون دائما دقيقة فإذا أمسك الإنسان بها وقى الناس شرها وإذا تركها هكذا فربما تؤذى أحدا من الناس .
ومثل ذلك العصى يجب أن تمسك طولا أى أن تجعل رأسها إلى السماء ولا تجعل عرضا حتى لا تؤذى من الأمام والخلف .
ومنه أيضا الشمسيه إذا كان معك شمسية وأنت فى السوق فارفعها لئلا تؤذى الناس فكل شىء يؤذى المسلمين أو يخشى من أذيته فإنه يتجنبه الإنسان لأن أذية المسلمين ليست بالهينة قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴿٥٨﴾«الأحزاب.
وحتى الدواب والبهائم أوصى أمته برحمتهم لأنه إذا رق قلب المرء رحم كل شىء ذى روح وإذا رحم كل شىء ذى روح رحمه الله قيل : يا رسول الله ألنا فى البهائم أجرا .؟ قال : ( نعم فى كل ذات كبد رطبة أجرا ) .
عن زيد بن أرقم قال : كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض سكك المدينة فمررنا بخباء أعرابى فإذا ظبية مشدودة إلى الخباء فقالت : يا رسول الله إن هذا الأعرابى صادنى قبيلا ولى خشفان فى البرية وقد تعقد هذا اللبن فى أخلافى ، فلا هو يذبحنى فأستريح ، ولا يدعنى فأذهب إلى خشفى فى البرية ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن تركتك ترجعين ؟ قالت : نعم ، وإلا عذبنى الله عذاب العشار ، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم تلبث أن جاءت تلمظ ، فشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخباء وأقبل الأعرابى ومعه قربة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى الخباء وأقبل الأعرابى ومعه قربة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتبيعينها ؟ قال : هى لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال زيد بن أرقم فأنا والله رأيتها تسيح فى الأرض وهى تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
ويحكى لى أنه كان مع النبى صلى الله عليه وسلم وهم يمرون على أعرابى وجدوا ظبية يربطها الأعرابى بعد أن صادها فشكت هذه الظبية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لها خشف (وهو ولد الظبى أول ما يولد) فى البرية وقد تجمع اللبن وزاد فى ثديها فلم يذبحها لتستريح ولم يدعها تذهب لترضع صغيرها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن تركتك ترجعين ؟ أى تعود مرة أخرى للأعرابى فقالت : نعم وإلا يكون حقا علي عذاب الله فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت وأرضعت صغيرها ثم عادت فشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخباء وأقبل الأعرابى فعرض عليه صلى الله عليه وسلم شراء هذه الظبية فأعطاها الأعرابى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقها الرسول لتذهب إلى صغيرها .