أول ذكر معروف لها في مذكرة أميركية سرية في عام 1963
تنتشر العديد من التقارير والمقالات المحلية والأجنبية حول مشروع قناة بن غوريون، التي يبدو أن معظمها ينتمي إلى جهات إيرانية أو تركية أو حتى في باكستان، لتتشابه فيها المعلومات والتفاصيل والأرقام.
يمتد المشروع من خليج العقبة إلى البحر الأبيض المتوسط، لتوفر بديلاً عن قناة السويس. وكان “ورد” أول ذكر معروف لها في مذكرة أميركية سرية تعود إلى عام 1963، حيث تم رفع السرية عنها عام 1996.
تدرس المذكرة إمكانية استخدام التفجيرات النووية لشق القناة بطول 160 ميلاً، أو 260 كيلومتراً، أي أنها أطول من قناة السويس بنحو 70 كيلومتراً.
تقول الوثيقة إن التفجيرات النووية تحل مشكلة التكلفة المرتبطة للحفر في التضاريس المتنوعة، ما بين أرض منخفضة وصحراء وجبال، لكنها تخلص إلى أن الجدوى الاقتصادية غير مؤكدة، وكذلك الجدوى السياسية.
وتظهر خريطة القناة في تلك الوثيقة السرية أنها لا تمر في قطاع غزة، بل تمتد من إيلات على خليج العقبة إلى أسدود على البحر المتوسط، على بعد كيلومترات قليلة إلى شمال قطاع غزة، الذي كان في ذلك الحين تحت سيطرة الجيش المصري، قبل نكسة 1967.
كانت إسرائيل في تلك الفترة تطرح مشاريع عديدة لتحويل صحراء النقب إلى جسر تجاري بري يربط البحرين الأحمر والمتوسط، لإيصال أوروبا بآسيا بعيداً عن قناة السويس. ومن تلك المشاريع خط أنابيب النفط بين إيلات وعسقلان، والذي كان يحمل النفط الإيراني في عهد الشاه إلى أوروبا.
في السبعينات سلّمت إسرائيل لصعوبة الفكرة وعدم جدواها، وغاب الحديث عنها تماماً بعد اتفاق كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1978. ثم مرت 6 عقود قبل أن تظهر الفكرة مجدداً عام 2015 في مقال بالصحيفة الإسرائيلية
قدر المقال تكلفة حفر القناة بنحو 55 مليار دولار، وزعم أن عوائدها تكفي لاستردادها خلال عشر سنوات فقط. واقترح ألا يكون المشروع تحدياً لمصر بل بالتعاون معها، بل إنه اقترح منح القاهرة مقعداً في مجلس إدارة القناة المقترحة، لضمان تكاملها مع قناة السويس، وتوزيع الحركة التجارية العالمية بين القناتين.
مع اندلاع الحرب في غزة ظهرت عشرات المقالات عن قناة بن غوريون في مواقع معادية لإسرائيل. أحد المواقع ذهب إلى الحديث عن ربط الخطة الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء بوجود مشروع لإنشاء ميناء بن غوريون في غزة.
وحتى قبل الحرب، دخلت الصحافة الإثيوبية على الخط في ظل المناكفات مع مصر حول سد النهضة. فمثلاً، نشر موقع “نيو بيزنس إثيوبيا” في مارس 2023 تقريراً أن هناك مساعي تقوم بها إثيوبيا لشراكة مع إسرائيل في القناة البديلة عن السويس.بحثت
ي البيانات والتصريحات الرسمية الإسرائيلية، ولا يبدو أن المشروع مطروح فعلاً في السنوات الأخيرة، لكن الصحيح أن لدى إسرائيل مشروعاً دائماً منذ الخمسينات لتوفير خط تجارة بري بدلاً من قناة السويس. وهذا المشروع لم يتوقف.
في عام 2012 بدأ الحديث عن مفاوضات مع الصين لبناء خط سكك حديدية من إيلات إلى البحر المتوسط، من دون تقدم فعلي للمشروع. لكن في يوليو الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسمياً عن خطة بـ 27 مليار دولار لتحديث شبكة السكك الحديدية، وبناء خط جديد من إيلات إلى أسدود، بطول 350 كيلومتراً.
هذا الخط تطرحه إسرائيل بشكل صريح كخط بديل عن قناة السويس في التجارة الدولية، بحيث تصل البضائع إلى ميناء إيلات وتنتقل براً إلى ميناء أسدود، أو العكس. أمر وحيد لا يختلف عليه الباحثون، وهو أن إسرائيل ستسعى بكل قوة للاستفادة من موقعها الجغرافي وعدم ترك الساحة لقناة السويس التي لا تبعد عنها سوى كيلومترات قليلة