على الرغم من إعلان النصر على تنظيم داعش الإرهابي قبل سنوات، إلا أن خبايا ذاك النصر ما زالت تخرج للعلن يوماً بعد يوم.
أعراض غير عادية!
فقد تبين أن القوات الأميركية قد استخدمت هجوماً سرياً بين عامي 2016 و2017، واستراتيجية غير عادية لهزيمة التنظيم الإرهابي.
وفي تفاصيل الخطة، أن قرر المسؤولون وضع عدد قليل من القوات الأميركية على الأرض، ثم جعلها تقصف العدو بنيران المدفعية بلا هوادة، إلا أن ما غاب عن ذهنها هو الخسائر الفادحة التي ستلحق بالقوات التي أطلقت النار، وهو ما لم يتوقعه أحد، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وكشف التقرير أن العديد من القوات الأميركية التي أطلقت أعدادا كبيرة من قذائف المدفعية ضد التنظيم أصيبت بمشاكل عقلية وجسدية غامضة ومدمرة للحياة.
وأوضح أن الجيش الأميركي واجه صعوبة في فهم الأسباب.
ثلاً، عندما عاد “خافيير أورتيز” جندي البحرية البالغ من العمر 21 عاما والذي كان جزءًا من طاقم مدفعي قاتل ضد تنظيم داعش، إلى منزله من مهمة سرية في سوريا، ظهر له شبح فتاة ميتة في مطبخه، كانت شاحبة ومغطاة بالغبار، كما لو أن انفجارا أصابها، وكانت عيناها تحدقان به بوهج داكن وثقيل كالزيت
وكان أورتيز يعلم أن المدافع الضخمة لوحدته قتلت المئات من الدواعش، فتهيأ له أن الشبح كان انتقاما لهم.
وبعد أيام قليلة في الثكنات غير البعيدة، دق جندي آخر من مشاة البحرية يبلغ من العمر 22 عاماً، ويُدعى أوستن باول، باب جاره جاهشاً بالبكاء، وتلعثم قائلاً: “هناك شيء ما في غرفتي! هناك شيء ما في غرفتي!”.. “أسمع شيئا في غرفتي”.
في حين قام جاره برادي زيبوي، البالغ من العمر 20 عاماً، بتفتيش الغرفة لكنه لم يعثر على شيء.
أما العريف زيبوي ، فقد كشف أنه واجه مشكلات أيضا، فذات يوم انحنى ليربط حذاءه، فشعر بانهيار مفاجئ من المشاعر الغامرة والغريبة لدرجة أنه لم يكن لديه كلمات لوصفها.
وأضاف أن الجنود في جميع أنحاء وحدتهم في مشاة البحرية الحادية عشرة، عادوا إلى بلادهم وهم يشعرون باللعنة. وكان الشيء نفسه يحدث في وحدات المدفعية البحرية والجيش الأخرى.
حتى خلص تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز إلى أن العديد من القوات التي أرسلت لقصف تنظيم داعش في عامي 2016 و2017 عادوا إلى الولايات المتحدة مصابين بالكوابيس ونوبات الذعر والاكتئاب، وفي حالات قليلة، الهلوسة.
كما تحول مشاة البحرية الذين كانوا موثوقين ذات يوم إلى أشخاص غريبين وغير متوقعين.
والبعض الآن بلا مأوى، فيما مات عدد كبير منهم بسبب الانتحار، أو حاولوا ذلك، ومن بينهم تومي مكدانيل الذي كان جزءًا من طاقم سلاح مشاة البحرية وأطلق 7188 طلقة في بضعة أشهر.
إلا أنه في عام 2021، وبعد سنوات من المعاناة من الصداع والاكتئاب، توفي منتحرا
هُنا السر!
يشار إلى أن الجيش الأميركي كان ناضل مرارا وتكرارا لتحديد الخطأ من هذه الحوادث بعد عودة القوات من سوريا ، وفق ما وجدته المقابلات مع أكثر من 40 من قدامى المحاربين وعائلاتهم في 16 ولاية، لكن دون فائدة.
إلا أن المبادئ التوجيهية العسكرية التي كانت تقول إن إطلاق آلاف من الطلقات أمر آمن، تبين أنها مخطئة، حيث كانت انفجارات المدفع قوية بما يكفي لإلقاء قذيفة تزن 100 رطل لمسافة 15 ميلاً، وأطلقت كل منها العنان لموجة صدامية اخترقت أجساد أفراد الطاقم، واهتزت العظام، ولكمت الرئتين والقلوب، وضربت بسرعة صواريخ كروز عبر أدق المناطق الحساسة في أجسادهم.
إلى أن توصل البحث لنتيجة صادمة مفادها تعرض أفراد أطقم الأسلحة للأذى من أسلحتهم.
وقد تلقى أكثر من نصف مشاة البحرية في البطارية في نهاية المطاف تشخيص إصابات الدماغ المؤلمة، وفقا لإحاطة أعدت لمقر مشاة البحرية.
كما حذر التقرير من أن التجربة في سوريا أظهرت أن إطلاق عدد كبير من القذائف، يوما بعد يوم، يمكن أن يشل قدرة الطواقم على إتمام مهامهم.
كما تم تشخيص عدد قليل من أفراد طاقم السلاح في نهاية المطاف باضطراب ما بعد الصدمة، ولكن بالنسبة للطاقم لم يكن ذلك منطقيا. وفي معظم الحالات، لم يروا العدو.
إلى أن اتخذت الولايات المتحدة قراراً استراتيجياً بتجنب إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية لمحاربة تنظيم داعش، واعتمدت بدلاً من ذلك على الغارات الجوية وحفنة من بطاريات المدفعية القوية، كما قال أحد الجنرالات المتقاعدين في ذلك الوقت
..