“بديعة مصابنى” ممثلة استعراضية وراقصة لبنانية قضت حياتها في مصر، من مواليد 1892 في لبنان من أسرة سورية، وهاجرت مع والدتها إلى الولايات المتحدة لتعود في 1919 إلى مصر، حيث تعلمت الغناء والرقص وعاشت أعواما طويلة في القمة، وكانت واحدة من ألمع نجوم الفن وكانت الفنانة الاستعراضية الأولى، وأتيح لها أن تخرج كثيرا من الفنانين من خلال صالتها، وكانت فرقتها أشبه بمدرسة تخرج فيها عدد كبير من فناني الغناء الاستعراضي ومن أبرزهم (فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال وهاجر حمدي ومحمد الكحلاوي ومحمد فوزي) ممن لمعت أسماؤهم في مجال الفن في السينما والمسرح والاستعراض.
أما عن التفاصيل، فيذكر أن والد الأسرة توفي وكان يمتلك مصنعا للصابون في إحدى ضواحي دمشق، وهو في عنفوان شبابه، وترك أسرة مؤلفة من زوجته وأولاده السبعة، ومنهم 4 صبية وثلاث بنات، وترك لهم المصنع لكي يعيشوا من دخله، وربما كان اسم العائلة “مصابني” مأخوذا من المهنة التي توارثتها العائلة أبا عن جد وهي صناعة الصابون.
يضيف التقرير:”شب حريق هائل في المصنع ومعامل الصابون، ولم يكن هناك من يقدر على إطفاء النيران، ومن يومها أصبحت أسرة بديعة مصابني بدون مورد رزق، وأخذت الأسرة تتفرق، فخرج كبير الإخوة من البيت، وهو بيت مسيحي لكي يعتنق الإسلام، ويقطع كل صلة له بأسرته، ويمضي في طريقه دارسًا ومتفقها حتي يصبح من مشايخ الدين الإسلامي، وفقدت العائلة كبيرها.
ويكمل التقرير:” أما الأخ الثاني فاصطدم بالأحداث ومن ثم غرق في أحزانه باللهو، وأصبح مع الأيام ضائعًا لا يعرف من الدنيا غير التعامل بوسائل العنف، وكانت شقيقته بديعة أول من لحقها بعض هذا العنف حين كانت في السابعة من عمرها، فقد خرجت ذات يوم تبحث عنه فإذا به يضربها ما أدى إلى جرحها وإصابتها فجن جنون الأم، وبعد فترة قصيرة تصل الأسرة للعجز ولا تستطيع المقاومة، فتقرر أن تلوذ بالفرار، ولكن إلى أين، وفكرت الأم طويلا دون أن تصل لنتيجة، فليس هناك بلد فيه أقارب أو أصدقاء أو حتى معارف سوى بلدها.
وهناك من جاء ليهمس في أذنها أن تتوجه لأمريكا حيث يعيش الناس سعداء، وأخبرها بأن هناك باخرة تقلع قريبا وهي رخيصة جدا وبالفعل باعت أثاث البيت واستطاعت أن تجد مع بناتها وأولادها مكانا على سطح السفينة، ومعها فتات رداهم لا يكفي لسد الرمق، وأبحرت السفينة أياما وليالي.
ووصلت السفينة إلى مرساها بأمريكا الجنوبية ومضت أيام بائسة وراح الأشقاء يخرجون للعمل وتبقى بديعة مع أمها، وبعد تعب لم تستطع التغلب على الغربة والناس فقررت العودة بعد فترة اغتراب لم تزد عن العام، ولكنها تركت دمشق الشام إلى لبنان وكانت بديعة تطلب من أمها الطعام والمأوى طوال الطريق، وكانت تبدو متسولة فاتنة، فقد حدث أنه ما بين دمشق وأمريكا والعودة ومرور الزمن أن شبت بديعة عن الطوق وأصبحت صبية حلوة وبدأت أنوثتها تظهر، وأدى هذا إلى كارثة فقد اعتقد رجال الشرطة أن المراة العجوز والدة بديعة تأخذها إلى لبنان لكي تبيع نفسها، فقبض البوليس على الأم وألقوا بها في السجن، وأفرج عنها بعد ذلك لعدم ثبوت أي تهمة.