عن أبى ذر رضى الله عنه قال : قال رسول الله (ص) { إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط . فاستوصوا بأهلها خيرا . فإن لهم ذمة ورحما . فإذا رأيتم رجلين يقتتلان فى موضع لبنة فاخرج منها) قال فمر بربيعة وعبد الرحمن ابنى شرحبيل ابن حسنة . يتنازعان فى موضع لبنة . فخرج منها .
وفى حديث آخر (إنكم ستفتحون مصر . وهى أرض يسمى فيها القيراط …………نحوه )
فمن رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بأمة الدعوة ، وشفقته عليها ،ومن وضعه لأصحابه قواعد معاملة غير المسلمين المنبثقة من الإحسان إلى من أساء ، والعفو عمن ظلم ، والأمر بالمعروف ، والإعراض عن الجاهلين .
وطبعا من المعروف ان مصر فتحت فى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنهوهذا الحديث بالطبع من معجزاته صلى الله عليه وسلم حيث إخباره لنا من خلال الحديث سوف تحدث وبالفعل حدثت وهى إخباره بأن الأمة تكون لها قوة وشوكة بعده ، بحيث يقهرون العجم والجبابره وأنهم يفتحون مصر وتنازع الرجلين فى موضع لبنه والأمر بالخروج لأبى ذر ،وهو مبنى على رؤيته هو ومن عساه يرى معه خصومة رجلين أى تنازعهما فى مكان من الأرض ، قريبة من ملك هذا ، أو من ملك ذاك . وكان هذا فى ذلك الوقت من الأمور التافهة التى لا يتقاتل عليها لسعة الأرض وضعف قيمتها . وكأن ذلك علامة فساد الأحوال ، وشيوع الخصومات وخص أبو ذر بذلك الخروج ، لأن من نقيض مبادئه التى تقول إن ما زاد على حاجتك ملك وحق لغيرك .
من هذه السياسة الإسلامية الحكيمة يوصى صلى الله عليه وسلم صحابته بأهل مصر( والوصية بالخير لكل البلاد مطلوبة بدرجة أكبرلأهل مصر لأن لهم عند المسلمين يدا وفضيلة )، حين يفتحها المسلمون ، ويتلمس علاقة ما ترغب فى الإحسان ، وإن كانت لا تدفع إليه عند كثير من الناس . إن لهم عندنا معشر المسلمين حقا وحرمة ، فهم آل هاجر أم إسماعيل وأم العرب ، وهم أهل مارية التى تسراها رسول الله وهى أم إبراهيم ابنه عليه السلام ، وصدق الله العظيم إذ يقول فى نبيه (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿١٢٨﴾ التوبة