كتب : محمد الالفي .
ذكرت وكالة ” frontex” التي تراقب حدود الاتحاد الأوروبي أنّ 42 ألف مهاجر غير شرعي منهم دخلوا أوروبا بين شهري يناير وإبريل من العام الحالي فيما أعلنت إيطاليا أن 14 ألف لاجئ دخلوا أراضيها ما يرفع عدد المهاجرين إلى 56 ألفًا.
وتقول إحصاءات غربية إنّ 100 ألف شخص هاجروا لأوروبا العام الحالي فيما قالت المنظمة الدولية للهجرة إنّ أكثر من 7000 مهاجر ربما لقوا حتفهم غرقًا أو خلال عبور الصحراء أثناء محاولتهم الوصول إلى ملاذات آمنة هذا العام وهو رقم يعتقد أنه قياسي بالنسبة لعدد القتلى.
وأصافت المنظمة إنّ كثيرين يسقطون ضحايا سياسات غلق الأبواب التي تنتهجها الدول الغنية والتي ساهمت القيود المشددة التي تفرضها على حدودها في وقوع المهاجرين في براثن عصابات الاتجار بالبشر التي تقدر عائداتها بنحو 35 مليار دولار في العام.
وتعتبر الهجرة غير الشرعية أمر واقع تشهده موانئ مصر وليبيا وبعض دول المغرب العربي بصورة شبه يومية في صورة شباب من مصر وغزة وسوريا والمغرب العربي وأفريقيا يعيشون واقع البطالة والفقر ويحلمون بالسفر لدول أوروبية والعيش حياة رغدة ويجمعون فتات من تملكه أسرة ممّا تبقى لديها من مال لينتهي بهم الحلم إما غرقى أو قتلى أو موقوفين يُعادون إلي بلادهم وقليلون هم من ينجحوا في غزوا الشواطئ الأوربية والذوبان في الحياة الغربية وينقلون صورة وردية لأقرانهم في بلدانهم تدفعهم للإصرار على مجابهة أمواج البحر المتلاطمة.
وما زاد المأساة مؤخرًا هو سفر أسر بأكملها خصوصًا من سوريا ومصر بسبب ما تعانيه سوريا من ظاهرة هجرة عالية، والبطالة والفقر في مصر الطاردة لأسر كثيرة وغرقهم أو القبض عليهم في المدن الأوروبية التي يصلون إليها وسبق أن فوجئ المصطافون على شاطئ العجمي بمدينة الإسكندرية المصرية قبل عدة أشهر بقرابة 44 شابًّا مصريًّا وفلسطينيًّا وأفريقيًّا يخرجون من مياه البحر وهم في حالة إعياء شديد وعلى وجوههم الذهول التام لأنهم تصوروا بعد البقاء في البحر مدة ستة أيام والسباحة عدة ساعات أنهم وصلوا اليونان، كما أوهمتهم عصابة لتسفيرهم ثم فوجئوا أنهم لا يزالون في بلادهم.
وتكشف التحقيقات أن الشباب بينهم طلاب ومزارعون وصيادون أن كل فرد منهم دفع حوالي 5400 دولار أي حوالى 40 ألف حنية مصري لعصابات متخصصة لتسفيرهم بصورة غير مشروعة إلى اليونان عبر البحر للعمل هناك وركبوا مراكب صيد دخلت بهم أعالي البحر حيث ظلوا هناك ستة أيام، ثم أوهمهم صاحب المركب أنهم وصلوا إلى الساحل اليوناني وطلب منهم السباحة إلى الشاطئ وحظّهم ربما كان أفضل من غيرهم ممن سافروا قبلهم وصلوا إلى شواطئ اليونان أو مالطا أو إيطاليا، ولكن قُبض عليهم في البحر وتمّ إعادتهم لبلادهم ومن آخرين غرقوا في عرض البحر بسبب سوء الأحوال الجوية وحالة السفن التي ركبوها وتكدسهم بها، وغرقوا مثل الـ 500 الذين قتلوا في عرض البحر بعدما أغرقهم المهربون لرفضهم ركوب سفينة متهالكة صغيرة في عرض البحر.
وتشير إحصاءات مصرية إلى أنّ تزايد نسبة البطالة بشكل كبير بين الشباب المصري والتي تتراوح بين مليونين وستة ملايين شاب بنسبة تقترب من 10 – 20% من العمالة المصرية واكبها زيادة إقبال الشباب على السفر إلى الخارج خصوصًا الدول الأوروبية بهدف تحقيق الثراء السريع من جانب شباب تأثروا بالأفلام الأجنبية وقصص رواها نفر قليل منهم سافر للخارج وعاد غانمًا بعدما استقرّ هناك منذ سنوات وتزوج أوروبية.
ومع تزايد راغبي السفر وانسداد أفاق السفر الشرعي بسبب القيود الشديدة على تأشيرات الدول الأوروبية وأمريكا، بدأت تظهر عصابات لتسفير الشباب بطرق غير شرعية أشهرها السفر عبر البحر بمراكب صيد متهالكة من الشاطئ الليبي القريب من إيطاليا، أو عبر موانئ مصرية.
وحول عمليات الهجرة هذا العام 2014 أيضًا أفادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأنَّ 2500 مهاجر غير شرعي لقوا مصرعهم في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي منذ بداية العام الحالي.
وذكرت المفوضية أنَّ 130 ألف شخص تمكّنوا من الوصول إلى الضفة الأوروبية منذ بداية عام 2014 ويعادل هذا الرقم أكثر من ضعف عدد المهاجرين الواصلين إلى أوروبا العام الماضي؛ والذي بلغ 60 ألف مهاجر، وأنَّ أكثر المهاجرين وصلوا إلى أوروبا عبر الشواطئ الإيطالية وبلغ عددهم هذا العام 118 ألف شخص، تم إنقاذ غالبيتهم في المياه.
وقد حذّرت منظمة الهجرة العالمية فبراير الماضي من إمكانية سعي أعداد متزايدة من المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا إلى مغادرة هذا البلد عن طريق البحر المتوسط فيما تشتكي السلطات الإيطالية التي يذهب إليها هؤلاء المهاجرون من ليبيا من أن ما يزيد عن 750 ألف مهاجر غير شرعي يهربون من ليبيا عبر القوارب الخشبية لجزيرة لامبيدوز، وجزء كبير منهم من الأفارقة. وأفادت الأمم المتحدة، في تقرير مؤخرًا، بأنه “ما بين شهريْ مارس وأغسطس من العام الحالي دخلَ أكثر من 30 ألف مهاجر غير شرعي إلى ليبيا بطرق متعددة”.
وفي سياق متصل ذكرت قيادة خفر السواحل التركية أنَّها تمكنت من إنقاذ 676 مهاجرًا غير شرعي 452 منهم من السوريين خلال الأسبوع الماضي.
وتضيع أحلام الشباب مع موج البحر وغرق مركب يحمل ما يقارب 500 من المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط من جنسيات مصرية وفلسطينية وسودانية، وكشف التحقيقات مع شاب مصري في جزيرة كريت نجا من سفينة الموت وكان ضمن ركابها منذ أن انطلقت من ميناء دمياط في بمصر روى الشاب المصري قصصًا مفزعة عن الحادث تداولتها المنظمة الدولية.
حيث كشف الشابُّ عن قيام المهربين بإغراق السفينة عمدًا في عرض البحر بعد مشادة مع الركاب الذين رفضوا إجبارهم على تغيير المركب إلى مركب أصغر غير صالح للإبحار.
وقال الشاب لفريق المنظمة الدولية للهجرة إنّ الركاب كانوا قد أجبروا على تغيير المركب منذ انطلاقهم من دمياط 3 مرات في عرض البحر، ولكن في المرة الرابعة رفضوا بسبب صغر حجم المركب ولأنه غير آمن ما أدى إلى مشادة عنيفة مع المهربين الذين هددوا المهاجرين بإعادتهم إلى مصر.
وأضاف أنه بعد ذلك بدأ المهربون استخدام العصي والعنف ضد الركاب مما حمل بعضهم على القفز إلى المركب الأصغر ولكن مركب المهربين صدم عمدًا المركب الذي يوجد به العدد الأكبر والذي بدأ يغرق فورًا.
وأكد الناجي المصري أن المهربين ظلوا يتابعون غرق المركب وبه المهاجرين والذين كان يوجد منهم حوالي 300 راكب في المستوى السفلي من المركب وحوصروا وغرقواوذلك حتى يتأكدوا أن المركب قد غرق بكامل ركابه مشيرًا إلى أن المهربين كانوا يضحكون.
وأكّد الناجون الذين كان بينهم الشاهد المصري منهم نساء واثنان من الفلسطينيين وسوري ومصري، أن المهربين كانوا من الفلسطينيين والمصريين، وأشار أحد الناجين الفلسطينيين إلى أن المهربين كانوا يحصلون على خمس الآف دولار للشخص مقابل حملهم إلى إيطاليا.
والمشكلة تكمن أنّه كلما تظهر كارثة كهذه يستنفر العالم لبعض الوقت ثم تهدأ وسائل الإعلام ولا تتوقف عمليات الهجرة غير الشرعية ولا جرائم مافيا التهريب. فقد سبقَ هذا غرق ومقتل العشرات في السنوات الأخيرةأما عن مصر فقد استقبلت قرى مصرية المزيد من غرقى وقتلى حادثتي غرق 164 شابًا أمام سواحل إيطاليا عام 2007.
وغرقت سفينة تحمل 250 راكبًا قادمين من الشرق الأوسط فى طريقهم إلى أستراليا قبالة الساحل الشرقي لجزيرة جاوة الإندونيسية ديسمبر 2013، ما أدّى إلى فقدان 217 شخصًا.
وبحسب مصادر أمنيّة دولية يدور صراع تجاري شديد بين عدة مهرّبين يسعَون إلى جني الأرباح المادية من تهريب اللاجئين الفلسطينيين بجانب الشباب العربي والأفارقة، ومن بينهم في مصر أبو حمادة السوري، وأم سليم، وأبو لبدة، حيث يدفع كل مهاجر حوالي 4,000 دولار للمهرّبين المتعددين كي ينقلوه إلى شواطئ إيطاليا.