عن عائشة رضى الله عنها ،زوج النبى صلى الله عليه وسلم ،أنها قالت :ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما مالم يكن إثما . فإن كان إثما كان أبعد الناس منه .وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل .
ويقول صلى الله عليه وسلم (يسروا ولاتعسروا وبشروا ولا تنفروا ) وقال لمعاذ رضى الله عنه لما أطال القراءة فى الصلاة ، وهو إمام :قال له : أفتان أنت يا معاذ ؟ من أم الناس فليخفف،فإن المريض والضعيف وذا الحاجة ،ولما أراد جماعة التشدد على أنفسهم فى العبادة وقال أحدهم : أما أنا فأصلى الليل أبدا ، وقال الآخر : وأما أنا فأصوم الدهر أبدا ، وقال الثالث : وأما أنا فسأتبتل ، وأعتزل النساء غضب صلى الله عليه وسلم ، وخطب فى الناس ، وقال : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا ؟أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكنى أصوم وأفطر ، وأصلى وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتى فليس منى .
ومن هذا المنطلق كان صلى الله عليه وسلم فى عباداته ومعاملاته يميل إلى اليسر ، ويتباعد عن العسر ، ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، مالم يكن هذا الأيسر إثما ، أو يؤدى إلى الإثم ، فإن كان إثما أو يؤدى إلى الإثم بعد عنه ، بل كان أبعد الناس عنه ، وعمل بغير اليسر مهما كان صعبا وشاقا .
فما انتقم لنفسه صلى الله عليه وسلم ممن آذاه ، وما ضرب بيده الكريمة امرأة ولا خادما قط ، وما آذى إلا لله ، وإلا ما انتهكت حرمات الله ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى) ويقول : ( اتقوا الله فى النساء فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شىء فى الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا ) فمن المسلم به فى الحياة أن المرأه ضعيفة البنية ناعمة الصوت والملمس ، رقيقة الحس ، مرهفة العواطف فائدتها فى شفافيتها وصفاتها وفى وقايتها والحفاظ عليها وفى صيانتها وحمايتها من أدناس البيئة وعواصف الأهواء ولذا شبهت بالزجاجة والقارورة ففى الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كانت أم سليم مع نساء النبى صلى الله عليه وسلم وهن يسوق بهن سواق . فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم : ( أى أنجشة ؟ رويدا سوقك بالقوارير ).
والقوارير يضرب بها المثل فى سرعة الكسر وعدم قبول الإصلاح والجبر فالإسلام يعتز بالمرأة ويصونها ويعتبر حصانتها أساس حياتها ومن هنا أحاطها بسياج من وسائل الحفظ والتكريم حتى فى الجنة وصفها القرآن الكريم (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49( الصافات
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافر ببعض نسائه فيهيىء لهن الركائب ، ويعد لهن الهوادج ويخصص لهن عبدا خادما ، يقودهن ويراعى مصالحهن ولايكتفى صلى الله عليه وسلم بذلك بل يرعى بنفسه شئونهن ويتعهد أحوالهن فيذهب إلى رحلهن بنفسه يطمئن عليهن ويوصى بهن وبراحتهن فيقول لخادم يا أنجشة ارفق بهن فى سوقك وارفق بهن فى حدوك وغنائك ، فإنهن كالقواريرفهل رأيت حنانا ورقه وعطفا على النساء مثل هذا ؟ صلى الله عليه وسلم .