الأشهر الأخيرة من العام الماضي كانت الأسوأ على الإعلاميين في سورية عموماً وحلب خصوصاُ ،
فقد شهدت مجازر كبرى ، لاسيما حادثة مقتل طاقم الغوطة الشرقية المؤلف من محمد سعيد ورفاقه ، إضافة الى قائمة انتهاكات طويلة في حلب من خطف واعتقال وضرب وقتل ، ما أدّى إلى هجرة كبيرة للناشطين الإعلاميين إلى البلدان المجاورة لاسيما تركيا “بهذا صرّحَ الصحفي السوري المُستقل ” أحمد العقدة ”
وقد واكب الإعلام الثورة السورية منذ انطلاقة شرارتها الأولى . ومع تطور أحداثها ظهر جيل من الصحفيين يرصدُ مسارها
كما أنها جذبت مختلف وسائل الإعلام العالمية والدولية لما فيها من أحداثٍ عظيمة وتطورات مخيفة
لكنّ هذه الأرض التي تشهد الثورة العربية الأكثر دموية كانت ساحةً صعبةً للعمل الصحفي والأشد قسوة وخطورة
إذ تصدرت سورية قائمة البلدان الأكثر خطورة بالنسبة للعمل الصحفي واحتلت للعام الثاني على التوالي المرتبة الأولى حسب منظمة “مراسلون بلا حدود” وأفادت أن سورية هي البلد الأشد والأكثر خطورة على الصحفيين في العالم ، وأدرجتها ضمن أسوأ 25 دولة وفق تصنيف حرية الصحافة ووصفت مهنة الصحافة في سورية بأنها باتت “مهمة مستحيلة
فوضع الحريات الإعلامية في سورية وصفت بالكارثية لممارسة كافة أنواع الانتهاكات .
من جانبة اكد الإعلامي “محمد أبو كمال” المعتقل السابق من قبل قوات النظام
أن الإعلاميين في قبضة النظام يُعانون أشد المُعاناة والقسوة والتنكيل داخل المعتقلات لدورهم الحسّاس في كشف الحقائق التي يأبى النظام وصولها للخارج
جدير بالذكر ان ابوكمال قد اعتقلته المخابرات الجويّة تحديداً فرع المداهمة عن طريق كمين في مطار المزة من تاريخ 12/4/2012 حتى 29/1/2013
واضح ابوكمال ان النشطاء والاعلاميين المعتقلين يرون شتّى أنواع التعذيب بالكهرباء والتعليق من الأرجل والضرب على كافة أجزاء الجسم والإهانات من شتائم وإيذاء وتجويع
بتهمة التواصل مع قنوات الفتنة والتحريض حسب قولهم ، وهي قنوات المُعارضة كقناة الجزيرة وأورنيت وسوريا الشعب وشدا الحرية وغيرها …
ويتحدث أبو كمال عن وضع الزنزانة التي أحتجزَ فيها مع العديد من رفاقهِ الإعلاميين والثوار
” وضعنا في زنزانة مساحتها خمسة أمتار بخمسة أمتار وتتسع بالحد الأوسط إلى 20 شخص ولكنهم في الصيف زادوا عدد المعتقلين ليصل إلى 84 , مما أثر على العديد من المعتقلين بسبب نقص الأوكسجين الذي أدى بدوره إلى إصابتهم بالجنون والهيستريا وأمراض أخرى
وفي الشتاء قاموا على عكس ذلك ، حيث خفضوا عدد المعتقلين في الزنازين الجماعية من 84 إلى 50 وقاموا بتشغيل المكيفات وساحبات الهواء ، فلم نستطع النوم من شدة البرد وكنّا لا نرتدي غير سروال داخلي فقمنا بصنع ملابس من أكياس ((الخبز النايلون)) لتقينا ولو شيء من البرد القارص ”
ولم يتوقف النظام السوري عن سياسة استهداف الصحفيين والناشطين الاعلاميين في مختلف محافظات ومناطق سورية :-
كـ استشهاد “مازن جركس” و “أحمد الحجي” و “براء البوشي ” “وتامر عوّام ” و “رامي السيد” و”حسن أزهري” و”أحمد شحادة” و”مظهر طيارة” و “أبو يزن الحموي” و” محمد المسالمة و”مصعب العودة الله” والعديد من الناشطيين الإعلاميين والصحفييم غيرهم ..
و “ملهم بركات” (17 عاما) مصوّر وكالة رويترز والذي يُعتبر أصغر الناشطين الإعلاميين الذين قضوا ضحية الإجرام الأسدي والذي استشهد أثناء تغطيتهِ لمعركة تحرير مشفى الكندي في حلب .
واختطاف سبعة ناشطين من مكتب “شدا الحرية” في حي الكلاسة بحلب بتاريخ1..
وقيام مجموعة ملثمين باقتحام مكتب وكالة “شهبا برس” بحلب بتاريخ 27.12.2013 من الشهر ذاتة والاعتداء بالضرب على الموجودين فيه و توجيه الشتائم لهم
و من ثم اعتقال “ميلاد شهابي” مراسل شهبا برس ومدير شبكة مساكن (هنانو )الاخبارية بعد نهب محتويات المكتب ، واقتيادهُ الى جهة مجهولة.
واختطاف طاقم العمل لفضائية أورينت المُكوّن من :- عبيدة بطل ، حسام نظام الدين ، عبود العتيق .
” وما تزال الانتهاكات هاجساً تؤرق كثيرين ، رغم عودة البعض حسب مابين العقدة ، إلا أن الخلل الأمني في المناطق المحررة لا يساعد على العمل الإعلامي ابدا ، لاسيما أنّ الصحفيين والناشطين الصحفيين أصبحوا هدفاً لأكثر من جهة .
حيث اشتركت أكثر من جهة في الانتهاكات لا سيما “دولة داعش” التي كان لها نصيب الأسد من الانتهاكات ، بالتزامن مع قصف جوي من الطائرات لأهم المراكز الإعلامية في حلب ، وكان واضحاً أنّ هناك قراراً اتخذ في مكان ما من أجل التعتيم إعلامياً عما يجري في سورية عامة وحلب خاصة ً ”
وبحسب تقارير للمنظمة التي أدرجت الأسد الابن ضمن قائمة ‘صائدي الحريات في العالم’
فإنّ 25 صحافياً أجنبياً و70 ناشطاً إعلامياً سورياً لقوا حتفهم منذ اندلاع الثورة منتصف آذار مارس 2011.
وتفيد المنظمة أن 16 صحافياً أجنبياً على الأقل فقدوا في سورية، ما يجعل من الخطف المتزايد مصدر خوف الصحافيين الراغبين في التغطية .
وشنّ النظام حرباً إعلامية شعواء ، لم ترحم لا الصحفيين ولا الإعلاميين ولا ناشطوا مواقع التواصل في ظل نظام بشار الأسد، ضمن محاولاته لمنع وصول الخبر والحدث وحقيقة الأوضاع في سورية إلى الرأي العام المحلي والدولي
وسقط برصاصه العديد منهم قتلى وجرحى ، واعتقل المئات منهم واختطف أنشط الإعلاميين وما زالوا إلى الآن مجهولوا المصير ضمن قمع للحريات الصحفية
ويري أبو كمال سبب استهداف الإعلاميين :-
” انهم عين العالم الخارجي عما يجري في سورية بعد منع النظام للإعلام المحايد من الدخول إليها وجعله الإعلام الرسمي هو المصدر فقط ,
فالإعلاميين سببوا الاحراج لهذا النظام الذي حاول أن يخفي جرائمه ولكن دون جدوى مع وجود الناشطين الإعلامين , ولهذا استهدف النظام بكل ما أوتي من قوة الإعلاميين . ”
الصحفيون الأجانب كزملائهم السوريين فلم يسلموا من بطش النظام الأسدي بحقهم ، فقد نالوا حظهم من العنف والخطف والاعتداء أثناء تغطيتهم للأحداث والاشتباكات .
وكما صرّحت منظمة ” مراسلون بلا حدود ” :- ” إنّ خطف الصحفيين الأجانب والمحليين ارتفع بوتيرة ملحوظة ،، ما دفع عدداً من المؤسسات والمنظمات الإخبارية الدولية للتوقف عن إرسال إعلاميين لتغطية الأحداث الجارية هناك ”
فقد سقط العشرات منهم أثناء تغطيتهم للثورة في كافة المحافظات السورية في محاولة من النظام لمنع العالم إيصال وكشف حقيقة ما يجري وطمس جرائمهِ بحق الشعب الأعزل .. كـ ماري كولفن: صحافية أميركية لـ صنداي تايمز البريطانية،
.. وريمي أوتليك: مصور صحفي فرنسي يعمل لصالح وكالة إي بي 3 برس الفرنسيّة… وميكا ياماموتو: صحفية يابانية تعمل لصالح جمعية الصحافة اليابانية “جابان برس”.. وإيف دوباي: صحفي بلجيكي-فرنسي في مجلة Assautالتي أسسها. .. ووليفييه فوازان: مصور صحفي فرنسي مستقل..
وجيل جاكيه: مصور صحفي فرنسي يعمل لصالح قناة فرانس 2 وكان هو أول صحفي غربي يقتل في سورية خلال تغطية الثورة، وكان قد غطى عدة مناطق نزاع ونال عدة جوائز .. وعلي شعبان: مصور صحفي لبناني في قناة الجديد .. والعديد غيرهم من المُصابين أثناء تغطيتهم لقصف النظام للمدنيين وخصوصاً في مدينة حمص …
لكن إحصائية “رابطة الصحفيين السوريين” تشير إلى استشهاد ما لا يقل عن 220 صحفياً وناشطاً إعلامياً خلال هذه الفترة. وتؤكد الرابطة أن النظام السوري ما زال هو المسؤول الأول عن حالات الانتهاك ضد الصحفيين، حيث أنه مسؤول عن الغالبية العظمى من حالات قتل الصحفيين والناشطين الإعلاميين.
ومنذ اندلاع الثورة ضدّ نظام الرئيس بشار الأسد منتصف مارس/آذار 2011، احتجز الآلاف من الناشطين والمعارضين السوريين وأدخلوا السجون، ومورسَ بحقهم التعذيب، وفق شهادات العديد من المنظمات الحقوقية…