قدر خبراء وباحثون في الشأن الإسرائيلي، أن تتجاوز الخسائر السنوية لإسرائيل بسبب المقاطعة الأوروبية لها ولمستوطناتها، أكثر من 8 مليارات دولار سنويا، يرافقها فصل قرابة 10 آلاف عامل من داخل إسرائيل والمستوطنات معا
وبدأ الاتحاد الأوروبي الذي يستوعب 32% من حجم الصادرات الإسرائيلية، منذ مطلع العام الجاري، بشكل رسمي مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية تجاريا وأكاديميا واستثماريا، كما بدأت دوائر الجمارك في دول الاتحاد بوسم منتجات المستوطنات، لتكون واضحة أمام المستهلكين، وفق تصريح سابق لسفير الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية جون جات.
وأعلنت ثلاث شركات أوروبية منتصف الأسبوع الجاري، انسحابها من مناقصة تقدمت لها العام الماضي لبناء موانئ في مدينتي حيفا وأشدود داخل إسرائيل، في استجابة لقرار المقاطعة، كما أعلن يوم الاثنين الماضي البنك الألماني (دوتشة بنك) وهو ثالث أكبر بنك في العالم، عن مقاطعته لبنك هبوعليم الإسرائيلي بسبب عمله في المستوطنات.
وقال الباحث في الاقتصاد الإسرائيلي برهوم جرايسي خلال اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول، إن قرارات المقاطعة الأوروبية لا تزال حالات فردية اتخذتها الشركات والمؤسسات، لكنها حققت جزءا مهما من أهداف المقاطعة، وهو ما أدى إلى حالة الفزع التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية”.
وأضاف جرايسي، إن توقعات وزير المالية يائير لابيد لحجم الخسائر السنوية تتجاوز حاجز 8 مليار دولار أمريكي سنويا، يرافقها فصل نحو 10 آلاف عامل من إسرائيل والمستوطنات معا.
وتابع: “إسرائيل بدأت ترفع من صراخها في وجه الاتحاد الأوروبي بعيدا عن أعين كاميرات الإعلام وأقلامه، وحذرت من عواقب قد تضر بالعلاقات الاستراتيجية بينهما، وسنشهد خلال الأسابيع تزايدا في المقاطعة الأوروبية، وسيقابلها احتجاج رسمي إسرائيلي”.
وعبر معهد التصدير الإسرائيلي مطلع العام الجاري، عن خشيته من تراجع الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض في حجم الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي، التي تستوعب أسواقها 32٪ من حجم الصادرات الإسرائيلية. يأتي ذلك في الوقت الذي يطالب فيه وزيرا الاقتصاد والمالية يائير ولابيد ونيفتالي بينيت، ببذل جهود لرفع إجمالي الناتج المحلي للعام الجاري.
ويرى الدكتور أنطوان شلحت الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، أن نسب النمو الاقتصادي، والناتج المحلي، وسوق الأيدي العاملة داخل إسرائيل ستتراجع.
ويتوقع شلحت فشل اسرائيل في الوصول لمستهدفاتها المالية، والتي تتمثل في تقليص الدين العام من مستواه خلال العام الماضي عن 68% إلى 60% خلال السنوات المقبلة، كما سترتفع من 6.2٪ خلال العام الماضي، إلى 11.5٪ مع نهاية العام 2015، وذلك في حال تواصل المقاطعة خلال الثلاثة سنوات المقبلة.
ورغم انخفاض معدلات البطالة داخل إسرائيل، إلا أن حكومة نتنياهو، ستعمد إلى البدء بفصل العاملين والموظفين العرب في المؤسسات داخل إسرائيل ومستوطناتها، كرد فعل على القرار الأوروبي، وفق ما ذكراه جرايسي وشلحت.
يقول جرايسي: “التجارب تشير إلى أن العامل العربي آخر من يوظف في إسرائيل والمستوطنات، وأول من يُفصل، وهذا الأمر سيتواصل، ليكون ورقة ضغط تجاه الفلسطينيين والأوروبيين على حد سواء للتخفيف من حدة المقاطعة”.
وذكر مكتب الإحصاء الإسرائيلي نهاية العام الماضي، إن نسبة البطالة بين صفوف “فلسطينيي الداخل” تبلغ قرابة 25٪، بينما يعمل نحو 19 ألف عامل فلسطيني في المستوطنات، ونحو 84 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية في إسرائيل.
وفي محاولة منها للهرب من القرار الأوروبي، بدأت بعض الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، بنقل نشاطها إلى داخل إسرائيل، “وكان آخرها، ما قامت به شركة لصناعة المفاتيح والأقفال في مستوطنة (بركان) في الضفة الغربية، حيث نقلت المصنع عدة كيلو مترات إلى داخل حدود إسرائيل، وهكذا خرجت من دائرة المقاطعة”، بحسب جرايسي.
وقال الدكتور مصطفى البرغوثي عضو حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) إن حجم صادرات المستوطنات الإسرائيلية إلى العالم انخفض بنسبة 20٪ منذ بدء المقاطعة الأوروبية للمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، منذ مطلع العام الجاري.
وأضاف البرغوثي الذي يشغل منصب أمين عام المبادرة الفلسطينية، أن “إسرائيل تكبدت خسائر تتجاوز 150 مليون دولار، خلال العام الجاري فقط، مشيرا إلى أن الخسائر ستصل إلى المليارات خلال الشهور القادمة، مع توسيع نطاق المقاطعة، على مستوى دول الاتحاد الأوروبي كافة، وبعض دول العالم”.