سيطر الهدوء الحذر أنحاء محافظة الفيوم وسط حالة ترقب عن كثب لما تخبئه الساعات القادمة من تطور وتصاعد حدة الصراع السياسي المصري, عقب بيان ترشح المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي السابق للرئاسة، فيما فرض حالة أشبه بالرفض بعد أن مر البيان مرور الكرام علي عكس ما كان يتوقعه الكثيرين فلم تكن هنا احتفالات, أو حتي تظاهرات واحتقان حاد كما كانت تتوقع الجهات الأمنية حسب تصريحات لها خلال الفترة الماضية.
حيث خلت المدينة من أي مظاهر للبهجة والاحتفالات بترشح المشير السيسي لرئاسة الجمهورية ,في حين تعالت أصوات مدرعات وسيارات الشرطة التي انطلقت تجوب شوارع المدينة في عملية تمشيط بحثاً عن أي تظاهرة لأنصار جماعة الإخوان ,وتحسبا لأي أعمال عنف أو شغب تعقب هذا الاعلان من قبل الجماعة, إلا أن الأهالى فوجئوا بدوي أعيرة نارية تخترق سكون الليل لبعض مؤيدي القرار ,فظن البعض أن هناك ثمة اشتباكات تدور بين عناصر شرطية وآخرون, ولكنها في الحقيقة كانت مجرد تعبير رمزي من قبل رجال النظام الأسبق بالقرار .
هذا وقد أفصح بعض مؤيدي قرار ترشح “السيسي” للرئاسة عن عزمهم إقامة احتفالية في السادسة من مساء اليوم الخميس بميدان “السواقي” بوسط مدينة الفيوم للتعبير عن تأييدهم ودعمهم للسيسي .
وعلي صعيد أمني صرح اللواء الشافعي حسن مساعد وزير الداخلية لأمن الفيوم بأن قرار ترشح المشير هو خطوة جيدة ولكنها ستصاعد من حدة الاحتقان والمواجهات لتزداد صعوبة وخطورة ما نحن مقدمين عليه, إلا أن المديرية قامت بوضع خطة أمنية بالتعاون مع العقيد حاتم طاهر المستشار العسكري للمحافظة لمواجهة أي أعمال عنف ,وتأمين كافة المنشاة الحيوية والشرطية والعامة من بنوك ومؤسسات ,وإحباط أي محاولات استهداف لبعض رجال الشرطة والجيش والشخصيات العامة بالمحافظة .
فيما رصد مراسلنا بعض الآراء حول هذا الهدوء الحذر من قبل كافة الأطراف خلال استطلاع رأى مبدئي لنبض الشارع الفيومي فجاءت النتائج برفض 70 % لقرار ترشح “السيسي” لرئاسة الجمهورية مؤكدين علي وطنيته ، بينما يرون في منصب وزير الدفاع المكان الأنسب والأكثر أماناً للحفاظ علي تاريخ وسمعة ووطنية المشير, بينما تخوف البعض وشكك في ظهور المشير علي شاشات التليفزيون الرسمي للدولة , بالزي العسكري لإعلان ترشحه وهذا ما لا يحدث مع أي مرشح رئاسي آخر ، مما يشكك في عدم حيادية مؤسسات الدولة ، ويعطي تخوفات من عدم نزاهة العملية الانتخابية ، ووجود تحيزات جوهرية واضحة ، وتفرقة و غياب للمساواة بين المرشحين .
فيما رفض البعض واستنكر أن يحكم مصر رجل ذو مرجعية عسكرية مما يخالف مبادئ ثورة الخامس والعشرون وموجتها الثانية في 30 يوليو ,متهمين المشير بإخلاف وعدة بأنه لا يسعي للسلطة خلال عبارته الشهيرة : ” لن أترشح للرئاسة .. ولن أسمح للتاريخ أن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية”.
فبين مؤيد ومعارض ,وناقم علي ترشح الفريق تباينت ردود أفعال مواطني الفيوم وبعض قيادات القوي السياسية .
كما تداول بعض مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” حيث صوراً ساخرة من القرار لافتين إلى عدم الإيفاء بالوعد , وأخري تعبر عن الحب للمشير وتأييده بكل قواهم .
حيث أكد “رانيا أحمد” سيدة أعمال وإحدي المواطنين التي ليس لها أي انتماء سياسي لفصيل بعينة أنها تؤيد قرار الترشح قائلة : اليوم وضع المشير السيسي النقاط علي الحروف فبعد طول انتظار خرج علينا ببيان رسمي يعلن فيه عن تخليه عن الزي العسكري وارتدائه للزي المدني ، وأرى شخصياً أن المشير السيسي هو رجل المرحلة ، فنحن نحتاج إلي رئيس قوي ذو خلفية عسكرية صارمة , وأنه لا يحتاج إلي دعم من أحد لأن شعبيته الجارفة قادرة علي نجاحة وصعوده إلي سدة الحكم .
بينما يري “شحاته ابراهيم” منسق حركة كفاية : أن الفترة الرئاسية المقبلة ليست مناسبة لترشيح السيسي والأفضل هو أن يترشح بعد أربع سنوات ، بحيث تكون أمور البلاد قد استقرت وتكون الخلافات والانقسامات قد هدأت قليلاً ، كأحد الشخصيات القادرة على ايجاد نوع من الوحدة بين أطياف الشعب …..لكن السيسي ترشح اليوم وأصبح كأمر واقع , فلا باس فى ذلك طالما تخلى عن رتبته العسكرية ، وأضاف “شحاتة” أن كل ما يرجوه هو أن تتعامل مؤسسات الدولة بحياد مع المرشحين ولا تنحاز الشرطة والجيش والقضاء والوزارات والسفارات والمحافظات إلى السيسي على حساب الآخرين ، لأن السيسي يمتلك رصيداً من الاحترام عند المواطنين بعد وقوفه بشجاعة مع الشعب ضد الإخوان لذلك فلترفع مؤسسات الدولة يدها عن دعم السيسي ولنترك الاختيار للجماهير .
ويتفق معه تقريبًا “وليد أبو سريع” منسق اللجان الشعبية بمركز أطسا قائلاً : إن من حق كل مواطن مصري الترشح ومن واقع عملنا في الشارع وجدنا شعبية من المواطن العادي للسيسي وبالتالي ترشحه كان استجابة للشارع المصري والمواطن البسيط الذي يري فيه الامل نحو مستقبل أفضل ،فالمسئولية ضخمة ، وتحملها يثبت جدارته بمنصب رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ مصر ، واستدرك قائلاً: لكنى أتمني أن تضمن مؤسسات الدولة حيادية الموقف بينه وبين بقية المرشحين ، كذلك خطابه اليوم كان بسيطاً وواقعياً وتحدث بإخلاص للشعب المصري .
ويتفق أيضا الدكتور “مفرح سعداوي” بكلية الزراعة جامعة الفيوم مؤكداً علي تأييده قائلاً ” : ” أؤيد ترشحه ومن حقه طالما سيترك منصبه العسكري, ولو فيه مخاوف يبقى المشكلة مش فيه هو , ولكن المشكلة تبقى قائمة لو افترضنا انحياز مؤسسات الدولة لمرشح دون الآخر” .
بينما اختلف الكثيرون حول هذا الأمر فبين تخوف البعض من عدم حيادية مؤسسات الدولة, وانحيازها لمرشح بعينة “السيسي” ,وبين من يرفض هذا القرار مفضلاً أن يظل وزيراً لدفاع مصر .
فيري “شعبان جاد الرب” عضو المكتب السياسي بحركة تمرد بأن هناك تخوفات وانتهاكات في بيان المشير تبرهن علي عدم حيادية مؤسسات الدولة خلال العملية الانتخابية قائلاً : كنت أتمنى أن يظل وزيراً للدفاع ضمانة لاستمرار بقاء جمهورية مصر العربية, ولكنه فضل أن يكون سبباً في حريق مصر ، ولكنى أتمنى حيادية الدولة, وأري أن أولي ملامح عدم حيادية الدولة في الانتخابات الرئاسية ، هو إعلان السيسي ترشحه في خطاب رسمي علي التليفزيون المصري ، وبالزى العسكرى “.
في حين يتخوف ” محمد ياسين” عضو تمرد قائلاً : أري السيسي بطلاً وقف بجانب الشعب ولبى ندائه وأطاح بمرسى بعدما أصبح ديكتاتوراً وفشل في تحقيق أي من أهداف الثورة ، ونكن له كل الاحترام والتقدير إلا أنى كنت أرى أن يبقى وزيراً للدفاع نظراً للطفرة التي حققها فى الجيش فى فترة تولية مهمة وزير الدفاع وأن يكون هو والمؤسسة العسكرية مشرفان على التحول الديمقراطي فى مصر حتى يتولى إدارتها رئيس مدنى منتخب ، وأرى أن وجوده كحامٍ للشعب أهم بكثير من أن يخوض الانتخابات الرئاسية ، وأن يضع نفسه محل تقييم الملايين سياسياً حيث أن التركة ثقيلة ، وكنت أريده أن ينأى بنفسه عن أعباء السياسة كى يظل بطلاً يكتب اسمه بأحرف من نور في التاريخ المصري ، وحتى يكون قد وفى بعهده حينما قال “إنني لن أترشح للرئاسة حتى لا أسمح للتاريخ بأن يقول أن الجيش تحرك من أجل مصالح شخصية” .
فيما اتفق الدكتور” وليد نصر” أمين شباب حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي مع الكثيرين حول تخوفاتهم من القرار مع ضمان حق السيسي كمواطن مصري في ممارسة حقوقه السياسية قائلاً : كنت أتمني أن يستمر في مكانه كوزير للدفاع ، أما وقد ترشح فهذا حق له كفله له الدستور ، وأري بأن المنافسة ستكون حامية بينه وبين حمدين علي مقعد الرئاسة, وعلي الحكومة أن تدير الانتخابات بكامل الحيادية ,وألا تنحاز لمرشح دون الآخر, وعلي الجيش أن يعلن حياده تجاه الأطراف.
كذا اتفق “أحمد الشربيني” أمين حزب الدستور بالفيوم قائلاً: ” لا أحد ينكر حق السيسي كمواطن مصري في الترشح لانتخابات الرئاسة ولكن لا أعتقد أن مؤسسات الدولة سوف تقف على الحياد” .
في حين رفض القرار الشاعر والكاتب “حازم حسين” واعتبره مراهقة سياسية وأن الانتخابات التي ستجري محسومة بشكل قاطع قائلا ً: ” الرفض دلوقتي مراهقة وتضييع الوقت في انتقاد مرشح كسبان ,والحل يكمن في تركيز التيار المدني في العمل على مشروع سياسي جاد للقوى المدنية” .
واتفق معه “محمود المصري” صاحب شركة دعاية وإعلان بالفيوم مستنكراً القرار ، ومعرباً عن أسفه لما يحدث في مصر ,من استباحة لدماء المصريين مهما اختلفت انتماءاتهم ودياناتهم, وأن أطماع السلطة غشاوة علي أعين ذوي المصالح .
وتري مروي الباسل مدرسة بأن “السيسي” لا يختلف كثيراً عن سابقية حيث وعد بعدم الترشح للرئاسة مراراً وتكراراً ولم يفِ بوعده ,معلنة عن غضبها قائلاً:” أنا حاسة إن الأيام اللي جاية هتكون مواجهه صريحة بين الشباب والجيش ,وشايفة إن في رفض واسع في قطاع الشباب بعيداً عن الشباب الثوري والسياسي .
في حين أستنكر مؤيدو حمدين صباحي فقد أدان “أحمد سامح العداروسي” منسق حملة حمدين صباحي بالفيوم : “ما حدث بالأمس من تضييق أمنى لشركائنا في حملة حمدين ينذر بأزمة ، ويجعلنا نطالب حمدين بالانسحاب وهذا ليس فى مصلحة أحد ، ونحن سنستمر معتمدين على ربنا وشعبنا فى خوض معركة انتخابية مقدمين , ونحن لن نخاف من نظام التبعية والرجعية لنظام مبارك ومن أسقط نظام الإرهاب وبيع الموقف لأمريكا لن يخاف من أحد, فيما أبدي “حسام عارف” ترحيبه بالقرار ، متضامناً مع تصريحات حمدين صباحي المرشح الرئاسي قائلا ً:” نسعى لانتخابات ديموقراطية نزيهة تضمن حيادية مؤسسات الدولة, علي الرغم من أن بيان ترشح السيسي بمثابة أول خرق لقواعد الانتخابات ، وغياب التكافؤ لذات الفرصة فالمؤسسة الإعلامية المصرية والتليفزيون المصري ملك للمصريين وليس لمرشح رئاسي بعينه .
وقد أعرب “محمد عشري” ، معلم ، عن حزنه قائلاً :” حزين جداً لترشح السيسي ,ولكن ده حقه الدستوري, وكل شخص يدعم من يراه مناسبا, وأري أنه مكن يتحارب أكتر لأنه خلف وعده بالترشح, والانتخابات لن تزور وستكون هناك منافسه شرسة وشريفة”.
بينما رأي “أسامة بريك” ، معلم ، بأنه كان يفضل عدم ترشح السيسي للرئاسة والاحتفاظ بمنصب وزير الدفاع كضمانة حقيقية تبرهن علي عدم طمعه في السلطة, ويتفق معه الطالب ” أحمد كامل” قائلاً :”برأيى كنت أفضل أن يظل وزيراً ,ولوجود حالة عدائية بين الإخوان وبينه ، فمحاولات إفساد الترشح قائمة بقوة ” .