كتبت:اية سليم
”مدفع الأفطار …أَضرب” جملة شهيرة أرتبطت بشهر رمضان حيث أعتاد المصريين على سماعها مع غروب الشمس قبل أذان المغرب لتجتمع الأسرة حول المائدة لتناول الإفطار بعد صيام نهار بأكملة، وكذلك قبل الفجرلتنبهة المصريين إلى وقت الإمساك عن الطعام والشرب ليبدأ فجريوم جديد من الصيام ،الإ أن قصة المدفع ليست بمستحدثة بل تعود إلى العصر المملوكي عام 859هـ/1439م،وعرفت القاهرة كأول مدينة أسلامية تستخدم مدفع رمضان رغم كثرة مساجدها ومأذنها وقد تعددت وكثرت الروايات حول بداية ظهور مدفع رمضان وكذلك تسميتة بمدفع “الحاجة فاطمة” وتروي لكم محيط قصة مدفع الإفطار وأنتقالة من مصر إلى الدول الإسلامية.
حيث يقول الدكتور”سامح الزهار” باحث أثري في تاريخ الدولة الأسلامية والفبطية،هناك أكثر من روايه تاريخية تدور حول قصة مدفع رمضان ولكن الراوية الأكثر صدقا أن مدفع رمضان يرجع إلى عام 859هـ/1439حيث عهد السلطان المملوكي “خوشقدم” حينما تلقي “مدفع هدية “من صاحب مصنع ألماني، فأمر “خوشقدم “بتجربته على الفور فتصادف تجربتة أول يوم رمضان حيث خرجت دانة من المدفع تزامنت مصافة مع غروب الشمس فظن سكان القاهرة أن ذاك إيذانا لهم بالإفطار.
وبعد الفطار توجه المشايخ إلى منزل السلطان خوشقدم لشكره على هذه العاده الجيدة فتفاجئ السلطان وأعجب بذلك الأمر فأمر بإطلاق المدفع عند غروب الشمس في كل يوم من أيام رمضان وأستمرت هذه العادة إلى يومنا هذا.
مدفع فاطمة
ونوه إلى أنه أرتبطت تسمية مدفع رمضان بمدفع” الحاجه فاطمة” بإحدى الروايات التي أرتبطت بالمدفع ولكنة لا يؤيدها ،ففي عام 859هـ/1455م كان جنود حاكم مصر السلطان المملوكي “خوشقدم” يقوم بإختبار مدفع جديد جاء كهدية للسلطان من صديق ألماني ،وكان الأختباريتم أيضا في وقت غروب الشمس ،فظن المصريون أن السلطان دبر هذا الأمرلإبلاغ المصريين بموعد الإفطار.
وعندما توقف المدفع عن الإطلاق بعد ذلك ،ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب أستمرار عمل المدفع في رمضان،فلم يجدوه ،والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى (الحاجه فاطمة) التي نقلت طلبهم إلى السلطان فوافق عليه ،وظل المدفع حاملا لأسم ” الحاجه فاطمة” منذاك الحين حتى الأن إذ يلقب الجنود القائمون على تجهيز المدفع وإطلاقه الموجود حاليا بنفس الأسم.
وفي رواية أخرى لتسمية مدفع الإفطار بمدفع “الحاجة فاطمة ” حيث أن فاطمةهي سمو الأميرة فاطمة أبنة الخديوي إسماعيل رحمة الله عليها تعشق الخير والعلم وتبرعت بكامل أراضيها لإنشاء الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة) وكل مجوهراتها الثمينة للإنفاق على تكاليف البناء.وكان الجنود يقومون بتنظيف أحد المدافع ،فـأنطلقت قذيفة خطأ مع وقت أذان المغرب في أحد الأيام الرمضانية فأعتقد الناس انه نظام جديد للإعلان عن موعد الإفطار فعلمت الحاجة فاطمة أبنة الخديوى إسماعيل بهذا الأمرفأصدرت فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الأفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية ،وقد أرتبط أسم المدفع بأسم الأميرة.
وأشار إلى أن مدفع “الحاجة فاطمة” اشترك في ثلاثة حروب هي تركيا ضد روسيا في شبه جزيرة القرم، وحرب المقاومة الفرنسية لثورة المكسيك، وكذلك محاولات غزو بلاد الحبشة.
مدفع محمد علي
حيث تقول إحدى الروايات أن والي مصر محمد علي الكبير،أشترى عدد كبير من المدافع الحربية ضمن خطتة لبناء جيش قوي لمصر،وفي إحدى أيام شهر رمضان،كانت تجرى الأستعدادات لإطلاق أحد هذة المدافع كنوع من التجربة ،فأنطلق صوت المدفع مدويا في نفس لحظة غروب الشمس مع أذان المغرب.فأعتقد الصائمون أن هذا تقليد جديد وأعتاوا علية وسالوا الحاكم ان يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطاروالسحور ،فوافق وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام.
وظل المدفع يعمل بالذخيره الحية حتى عام 1859 ولكن بإمتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة ،وظهور جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة “الفشنك” الغير الحقيقة أدى ذلك إلى الأستغاء عن الذخيرة الحية كما كانت هناك شكاوى من تأثير الذخيرة الحية على مباني القلعة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر، وتحديداً في عهد الوالي «عباس حلمي الأول» عام 1853، كان ينطلق مدفعان للإفطار في القاهرة، الأول من القلعة، والثاني من سراي عباس باشا الأول بالعباسية ـ ضاحية من ضواحي القاهرة ـ وفي عهد الخديوي إسماعيل تم التفكير في وضع المدفع في مكان مرتفع حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة، واستقر في جبل المقطم، حيث كان يحتفل قبيل بداية شهر رمضان بخروجه من القلعة محمولاً على عربة ذات عجلات ضخمة، ويعود يوم العيد إلى مخازن القلعة مرة أخرى. ويقوم على خدمة المدفع أربع من رجال الأمن الذين يعدون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الأفطار ولحظة الأمساك.
وتوقف مدفع القلعة أكتوبر عام 1992 مع الزلزال المشهور حفاظا على جدران المنطقة الأثرية لحدوث بعض التصدعات نتيجة تفريغ الهواء والصوت وما يسببهم من خلخلات. وأصبح صوت المدفع يسمع من خلال أثير الإذاعة المصرية والتلفزيون الإ ان المدفع يضرب في بعض الأماكن كرمز إلى رمضان ليس الإ.
مستقبل المدفع
أكد “مصطفى حسن” مديرعام منطقة صلاح الدين ،أن المدفع سيظل في مكانة أمام متحف الشرطة بالقلعة ويتم عمل صيانة دورية له وكذلك الدهانات المطلوبة حيث أنه يمثل جزء من تراث مصر.
مدافع القاهرة
وقد أشتلمت القاهرة حتى وقت قريب على ستة مدافع موزوعة على أربعة مواقع ،أثنان في القلعة ،وأثنان في العباسية ،ووحد في مصر الجديدة،وأخر في حلوان،تطلق مرة واحدة من أماكن مختلفة بالقاهرة حتى يسمع كل سكانها،وكانت هذه المدافع تخرج في صباح أول يوم من رمضان ،في سيارات المطاقئ،لتأخذ أماكنها المعروفة ،ولم تكن هذه المدافع تخرج من مكانها إلا في خمس مناسبات،يتم في أحتفال كبير،حيث تحمل على سيارات تشدها الخيول،وكان يراعى دائما أن يكون هناك مدفعان في كل من القلعة والعباسية،خوفا من تعطل أحدهما.
من مصر إلى الدول الإسلامية
بدات فكرة المدفع تنتشر في أقطار الشام أولاً،والقدس ودمشق ومدن الشام الأخرى ثم إلى بغاد في أواخر القرن التاسع عشر، وبعدها انتقل إلى الكويت حيث جاء مدفع أول مدفع للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح.وذلك في عام 1907 ،ثم أنتقل إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط.وكذلك اليمن والسودان وحتى دول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالي،وول شرق أسيا حيث بدأ مدفع الأفطار عمله في اندونسيا عام 1944م.