في الأوقات الاعتيادية، توجد علاقة وثيقة بين الغذاء وصحة الإنسان، إضافة إلى سلامة الغذاء من التلوث الميكروبي أو التسمم الغذائي، فما بالنا في موسم الحج كأكبر تجمع اسلامي يتجمع فيه المسلمين من فج عميق ليؤدوا الركن الخامس من أركان الاسلام والذي يتطلب جهدا جسديا خلال الانتقال بين المناسك المختلفة، وما يتزامن مع ذلك من تغيير في مواعيد تناول الطعام ونوع المتناول منه وكميته وما يلزم من اختيار نوعية الأغذية المريحة والمفيدة للصحة والمقاومة للتغيرات الجوية والمكانية أثناء الحج.
لذلك يجب على الحاج تناول وجبات غذائية تساعده في الحفاظ على توازن الطاقة في الجسم، والاحتفاظ بكمية من السوائل التي تعوض ما يفقده نتيجة العرق، مع الوضع في الاعتبار العادات الغذائية للحجاج، وذلك لغرض توفير أطعمة مقبولة عند الجميع. على أن تحتوي الوجبة على العناصر الغذائية اللازمة لاحتياجات الجسم والتي تشمل البروتينات والكربوهيدرات والدهنيات والفيتامينات والعناصر المعدنية والماء. بالإضافة الى اتباع الطرق والإرشادات الصحية السليمة وتحضير وإعداد الأطعمة مع النظافة، حيث إن كثيرا من الأمراض تنتقل عن طريق الطعام أو الشراب الملوث.
ومن المبادئ الغذائية الأساسية التي يلزم اتباعها هو التنوع في اختيار الأطعمة، حتى بين المجموعة الغذائية الواحدة، وذلك للحصول على جميع المغذيات الأساسية، خصوصا الفيتامينات والمعادن المختلفة؛ حيث تحتوي الأنواع المختلفة من الفاكهة، والخضراوات، والحبوب الكاملة، واللحوم ومنتجات الألبان، على مزيج من هذه المغذيات. وينصح بالاعتدال في تناول الدهون، والسكريات، والسعرات الحرارية المكثفة، والملح؛ حيث لا توجد أطعمة جيدة وأطعمة سيئة، بل توجد أنظمة غذائية جيدة وأنظمة غذائية سيئة. مع تجنب الأطعمة التي تكون سريعة الفساد إذا تُركت فترة بعد الطهي مثل الأسماك أو الدجاج أو التونة؛ حيث تكون أكثر عرضة للتلوث أو الفساد.
لذا يرجى منك عزيزي الحاج زيادة تناول الفواكه والخضراوات الطازجة بعد غسلها جيدا، فهي توفر المصدر الجيد للفيتامينات والأملاح المعدنية والطاقة والألياف الطبيعية والسوائل التي تجنب الحاج الإمساك. وتناول التمور مع الألبان ومنتجاتها (زبادي، أجبان)، فهي تمد الإنسان بوجبة غذائية عالية القيمة الغذائية سهلة الهضم كما توفر وقت الطهي وجهده. وينصح أيضاً بتناول الخبز الكامل الذي يمد الفرد ببعض الفيتامينات والألياف والطاقة.
كما ينصح بالتناول المستمر للمياه والعصائر والمشروبات لتعويض ما يفقده الجسم من السوائل. وفي حالة العرق الشديد نتيجة لارتفاع حرارة الجو تضاف عبوة ملح الجفاف مع كميات من مياه الشرب لتعويض الجسم عما يفقده من الأملاح والسوائل نتيجة العرق.
ولا يفوتنا أن ننسى اخواننا المرضى مثل مرضى السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو المرضى الذين يعانون ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم … إلخ، من الأمراض ذات العلاقة بالتغذية، فيجب على المريض في هذه الحالة الحفاظ على النظام الغذائي المتبع من قبل اخصائي التغذية مع تناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المعالج في مواعيدها.
تتعرض المرأة الحامل والمرضع لزيادة في حاجاتها الغذائية؛ وذلك للمحافظة على صحتها وصحة جنينها.. وتزيد متطلبات الحامل الغذائية كلما قاربت على اكتمال الحمل، وحج المرأة وهي حامل أو مرضع يزيد من حاجاتها إلى الاهتمام بالتغذية لكونها تبذل مجهودا بدنيا أثناء شعائر الحج … وعموما فإنه لابد من وضع اعتبارات أساسية في هذا الشأن من حيث عمر المرأة، فإذا كانت المرأة حاملا في الأشهر الثلاثة الأولى حتى 21 أسبوعا ننصح بعدم الحج، لأنها فترة تكوين الجنين وتخلق أعضائه الداخلية، فنخشى عليك العدوى ببعض الأمراض المنتشرة بين الحجيج مثل التهاب السحايا والانفلونزا، الكوليرا، التيفوئيد، الالتهاب الكبدي بالإضافة لذلك فإنها لا تستطيع أخذ التطعيمات الوقائية كباقي الحجيج. ولكن تستطيع الأم الحامل عمل مناسك الحج الرئيسية، وإذا كانت هناك مشاعر يمكن تكليف المحرم بها، فيفضل عدم القيام بها حتى تتفادى الازدحام الشديد والاختلاط المكثف.
ونوصي الحجاج بتجنب احتساء ماء زمزم المبرد، وبأن يشربوه طبيعيا على درجة حرارته العادية، وأن يتجنبوا أكل أي شيء بارد، ولعلهم سيلاحظون بأنفسهم أنه لدى شرب ماء زمزم باردا لا يمكن للشخص أن يتعدى كوبا صغيرا أو كوبين مع التوقف عدة مرات، لأن الماء البارد لا يبلع بسهولة، بينما يمكن أن يشرب لترا دفعة واحدة لما يكون ماء زمزم على حرارة عادية؛ كما نوصي بتجنب كثرة الأكل، خصوصا ليلا، فكلما كان الطعام خفيفا ومقداره قليلا، بقي الحاج بصحة جيدة، وأمكنه أداء المناسك كما يجب، مع التذكير بأن أخف الأطعمة هو الطعام النباتي، وأخيراً فالحج فرصة لتخفيف الوزن لا يجب أن نضيعها.