لم يكن الزواج يوما قرارا سهلا بالنسبة لكثيرين .. انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة الزواج عن طريق الانترنت، فعلى الرغم من أنه يشكّل حل لكثير من الشباب خاصة المغتربين الذين يجدون في هذا الزواج كسر لكل التقاليد، وفرصة جديدة لاختيار شريك حياتهم بأنفسهم دون أي تدخل من قبل الأهل.
اليوم ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، لم تعد لقاءات التعارف بين شخصين تجري بالضرورة في ظروف تقليدية، أي من خلال مناسبة ما أو تدخل أحد من أفراد العائلة أو المعارف.
فقد دخلت التكنولوجيا بقوة على الخط لتقلب الكثير من المقاييس المتعارف عليها.فالتعارف عبر الإنترنت ثم الارتباط الجدي المؤدي إلى الزواج تحوّل إلى شبه ظاهرة متبعة من قبل كثيرين. والمثير في الموضوع أن هذا النوع من الزيجات يحقق نسبة نجاح أكبر من الزيجات التي تتم بطريقة تقليدية حسب ما تشير إليه دراسات خاصة حول الموضوع.
ومنها دراسة أميركية جرت في جامعة شيكاغو وتفيد بأن الأشخاص المتزوجين بعد تعارفهم من خلال الإنترنت أكثر سعادة من غيرهم كما أن نسبة الطلاق لديهم تبلغ 5.7% مقابل 7.6% بين المتزوجين زواجا بالأسلوب التقليدي.
وقال الباحث المسؤول عن هذه الإحصاءات، جون كاشيوبو، إن هذه النتائج من شأنها أن تطمئن من يخافون من اللقاءات عبر الإنترنت ويعتبرونها غير لائقة لبدء علاقة رومانسية تمتد لمدى العمر.
أما الذين التقوا خارج عالم الإنترنت فكانت سبل تعارفهم في العمل (22%)، وعبر الأصدقاء (19%)، وفي الجامعة (11%). وتبيّن أن 7.6% منهم تطلقوا.
وتدل معظم الإحصائيات أن هذه الظاهرة تنامت وأصبحت ظاهرة شائعة بين مختلف أوساط الشباب الذين يبحثون عن التعارف ولكن هل يمكن ضمان نتائج هذا النوع من الزواج؟ وهل الإقبال المتزايد لنشر طلبات الزواج في مواقع على شبكة الانترنت يساهم في معالجة مشكلتي العنوسة والعزوبية؟
طرحنا هذا المحور على الشباب .. فقال اسامة ميسى 24 سنه انه يؤيد هذا النوع من الزواج وانه اتجه اليه نظر لعمله خارج مصر ولعدم وجود ثقه فى اختيارات الاهل التى لم تكن موفقه فى معظم الاحيان .
واضاف ان الزواج عبر الانترنت به الكثير من الخداع وانه تعرض لكثير من المواقف اثناء عملية البحث ومنها غياب المصداقية والاحترام وغياب المصارحة بين الطرفين وهنا تكمن الازمة فليس الجميع ياخذ الموضوع على محمل الجد ويغلب فىه الطمع فمعظم الاهل يعتقدون ان الشاب الذى يعمل خارج الوطن ماهو الا بنك من المال ويفروض عليه شروط كبيرة
واشار ان البنات يقبلون على هذا النوع من الزواج اما لتاخر سن زواجهم او هربا من شبح العنوسة او رغبة فى البحث عن شريك للحياه بطريقه مختلفه بعد تجارب فاشلة تعرضوا لها .
واكد اسامة ان ليس المهم فى طريقة الزواج ولكن الاهم هو ان اجد شريكة الحياة المناسبة التى ترغب فى الاستقرار وتكون من اسرة محترمة وطيبه لاننا لن أتزوج إلا بعد أن أتأكد من الشخص جيد وان نجاح الزواج يبنى على المصارحة والتوافق والمودة والتفاهم والحب وليس على الطريقه التى تم بها التعارف .
اما لمياء 27 سنه قالت الزواج عن طريق الانترنت ليس بالزواج الغريب الآن فيوجد فئة من الشباب أصبحت تحب أن تعتمد على نفسها ويحب أن يختاروا شريك حياتهم بأنفسهم نظراً إلى حالات الطلاق والزواج التقليدي الذي لا يطلع الفتاة أو الشاب على شخصية الآخر فيصطدمون بالكثير من المشاكل في الزواج نتيجة اختلاف الشخصيات والأفكار، ولذلك حصلت كثير من الحالات الزواج عن طريق التعارف بالانترنت وخاصة أن الفتاة تتعرف على الشاب وهي في بيت أهلها وتستطيع أن تتعرف عليه أكثر وهي في مأمن من الخطر وأما بالنسبة لي فاعتقد أنه لا مانع من الزواج بهذه الطريقه
وقالت علياء مختار اذا وضعتني الظروف في خيار الزواج عن طريق الانترنت أو العنوسة بالتأكيد سوف اختاره ولكن المهم ان يكون جاد وصادق وفى اطار اسرى ولعلّ الأشخاص الخجولين هم الأكثر استفادة من المحادثات الإلكترونية
وفى سياق متصل قال احمد مصطفى أن زواج الشاب عن طريق الانترنت ليس بالشيء الصعب وخاصة أن اغلب الشباب يمتلكون أجهزة كمبيوتر المحمولة ويأخذونها معهم إلى كل مكان كما أن الثقافة التقنية أصبحت مهمة للشباب اليوم الذي يستطيع التواصل والتعرف على المواقع والمراسلة والمشاركة في المنتديات أو الدخول في مواقع الزواج وغيرها، وإما بالنسبة لي فلا استطيع الزواج بهذه الطريقة لان اغلب المتعاملين فيها يغلب عليهم طابع المجاملات المبالغ فيها
محمد حسين طالب جامعى يقول الزواج عن طريق الانترنت إذا كان زواجا يحمل فيه التوافق بين الطرفين ويتم على سنة الله ورسوله فما المانع على الأقل أن كل واحد اختار الآخر وليس أن يتزوجا ما قد تم اختياره لهم بدون أن يعرف الطرف الآخر عن الأول شيئا.
أما هدى 30 سنه التي تعرّفت على زوجها عبر الإنترنت فتقول: «أعتقد أن اتخاذ القرار بالزواج أمر صعب في جميع الحالات، ولكن السهل في موضوع التعارف بين اثنين عبر مواقع التواصل الإلكترونية يكمن في اختصار المسافات والوقت معا».
وتضيف : «عندما يحصل الزواج بهذه الطريقة، تكون الكثير من الأشياء المتعلقة بشخصيتنا واضحة عموما، وفي وقت وجيز، بينما يتطلب التعرّف إلى الشخص الآخر بالطرق التقليدية وقتا أطول. فما قد نعرفه عن الشريك عبر الإنترنت في سنة، مثلا، قد لا نعرفه عن الشخص الذي نقابله ونتحدث إليه وجها لوجه لعدة سنوات».
فيما قالت د:ا قبل عدة سنوات كان الانترنت قليلا ومحدودا وبعض الأسر تعتبره من المحرمات وبعد عدة سنوات قليلة أصبحنا في المراكز الأولى في الدول العربية استخداماً له وقد لا يكون الآن مستساغاً أن تتزوج الفتاة عن طريق الانترنت بحكم المجتمع ولكنى اعتقد ان النصيب هو الذى يسبب الاسباب فالارواح هى التى تتلاقى والاهم من طريقة اللقاء هوالقدرة على تكوين علاقة محترمة يكون الاهل اهم عامل فيها وتبنى على المصارحة والوضوح والمصداقية والوفاء والحب الحقيقى
واشارت ان قيمة الانسان فى كرامته وليس فى ماله او جماله خاصة ان كل شخص فى اى علاقة سواء عبر النت او غيره يحاول ان يجمل نفسه ويعرض مميزاته على الطرف الاخر وهنا تغيب المصارحة والمصداقية
وتقول ربما تكون الميزه الوحيدة فى هذا النوع من الزواج هو للاشخاص الذين لهم ظروف خاصة نظرا لطبيعة عملهم خارج الوطن ”
خبراء علم النفس والاعلام
وبسؤال هانى عادل استاذ علم النفس قال “لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي ولّدت حالات اجتماعية مختلفة، لمسنا تأثيرها على جميع الأصعدة وليس فقط على قرارات الزواج فأي علاقة تولد عبر الإنترنت تتقولب في إطار إنساني جديد يغلب عليه طابعا مريحا».
وتابع: «في حالات الزواج تكون هناك فرصة أكبر للمصارحة والحديث بصدق، خصوصا أن الشخص لا يكون مجبرا على استعمال عبارات تقليدية وما هو متوقع منه والاهم أن الطرفين لا يشعران بمسؤولية الالتزام بالعلاقة فيما لو فشلت، إذ باستطاعتهما إنهاؤها ساعة يشاءون دون إحساس بالذنب أو تحمّل مسؤولية فشلها».
ويرى مهنى أن «هذه المحادثات الإلكترونية تجري عادة عندما يكون أصحابها في حالة استرخاء وهدوء، في أماكن مألوفة ومريحة في بيتهم وهم يتناولون فنجان قهوة أو شاي كل هذا يأخذ العلاقة إلى منحى أكثر إيجابية خالية من أي ضغوطات أو قلق. وجميع هذه العناصر من شأنها أن تولّد فرص زواج أنجح من غيرها، لا سيما إذا ما تجاوزت مدة التعارف الأسبوعين وما فوق، لأن الأحاديث تكون طويلة وغزيرة تعطينا فكرة واضحة وبصورة أسرع عن شريكنا».
فيما قال محمد خضر استاذ الاعلام ان الانترنت وسيلة لكسر التقاليد فمواقع الزواج على الانترنت قد تساعد في التعارف بين الطرفين وبخاصة في المجتمعات المحافظة، لكن دورها في الزواج لا يرتقي الى دور الخاطبة المتسم بتوفر المصداقية والجدية. والزواج عن طريق الخاطبة تتوفر فيه مقومات الاستقرار والاستمرار لقيامه على أسس ومواصفات معروفة للطرفين مسبقا، بينما يرى البعض أن الزواج عبر الانترنت يخضع لمقاييس شكلية بعيدة كل البعد عن الأسس السليمة المطلوبة للزواج المستقبلي الناجح.
ففي السعودية بدأت الفتيات السعوديات باقتحام وسائل جديدة وغير تقليدية للارتباط الزوجي، وهناك عدداً من الفتيات قد عثرن على ضالتهن وسجلن تجارب ناجحة بهذا المجال بسبب طبيعة مجتمعهم المغلق ”