بقلم: حسن الجلاد
ان اعظم ما ابتلى به الاسلام هذه الفرق الضالة المضلة وكلها تدعى العمل باسم الاسلام يقول عنهم شيخنا الامام محمد الغزالى هؤلاء لم يجدوا عصابة لقطع الطريق ينتمون اليها فادعوا العمل بسم الاسلام ، ويقول عن فقههم فى كتابه السنة النبوية بين اهل الفقه واهل الحديث _ ان لهم فقها بدويا ضيق النطاق لو وضع فى كفة ووضع الاسلام فى كفة لطاشت كفة الاسلام لهذا لم اجد خير من هذه الكلمات الطيبة والتى هى جزء من الاية ( 4 ) من سورة المنافقين حيث يقول تعالى : ” وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) .. ولم يكن فى الامر غرابة ان يعنى القرآن بالتحذير من هذا العدو الخفى فكما قيل : ” العدو المكشوف لن يزيد في المسلمين إلاّ يقينا وإصرارا، ولكن العدو الذي يعيش بيننا ويتكلم بألسنتنا هو المصيبة الكبرى، قد يصلي العدو معنا ويقرأ قرآننا ويشهد الشهادتين أمامنا ولكنه يبغض ديننا وعقيدتنا، ويكره ويعادي سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم!! ” ولقد حذا النبى حذو القران فى كشفهم وفضحهم وحذر من مغبة الركون اليهم فقال صلى الله عليه وسلم فى حديث حذيفة ابن اليمان رضى الله عنه يقول : ( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ) الخطر اذن من انهم من بنى جلدتنا ممن يصلون معنا وربما بنا ويعتلون منابرنا ويتحدثون باسم الاسلام طالت لحاهم وقصرت ثيابهم وتأكلت ارانب انوفهم من كثرة السجود وخمشت ركبهم ووقذتهم العبادة اطالوا القيام بالقرآن او لندع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفهم لنا حيث يقول : (عن سويد بن غفلة قال : قال علي إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) هكذا الامر اذن لذلك فان الامر كما قيل : ” ان عداء المنافقين قد يظهر في صورة عداوة لبعض المسلمين، لكنه في حقيقته عداء لله ولرسوله ولكتابه… إن عداءهم يرجع للإسلام ذاته، قال ابن القيم: “فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه، وكم ضربوا بمعاول الشّبه في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سريّة بعد سريّة، يزعمون أنهم بذلك مصلحون، {أَلا إنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ} [البقرة من الآية:12]” (مدارك السالكين ؛لابن القيم: [1/347]).
هذا وقد تنوعت طرقهم فى ضرب هذا الدين وهدمه واضمار العداء له ولاتباعه
، فكانت في بعض الأحيان تخرج في شكل فرق منحرفة ونحل ضالة ترتدي ثياب الدين وهي مارقة منه ، أو لا تظهر انحرافاً في العقيدة لكن تفضحها مواقفها من الشريعة ، والراصد لتاريخ هؤلاء يجد انهم اول ما يخالفون كلام الله تعالى حيث يقول رب العزة : فى سورة الروم (( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ – فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ- مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
ويقول تعالى فى سورة الانعام : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ”
يقول ابن كثير فى تفسير هذه الاية : والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له ، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق ، فمن اختلف فيه وكانوا شيعا أي : فرقا كأهل الملل والنحل – وهي الأهواء والضلالات – فالله قد برأ رسوله مما هم فيه .
وليكن ختام هذا الجزء الاول من كتابتى عن هذا الخطر الدائم الداهم المتجدد حديث رسول الله الذى حذر فيه من فرق ضالة مضلة جميعها فى النار الا واحدة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي . ومن الغريب أن ادعى كثير من الطوائف والفرق أنهم هم الفرقة الناجية وأنهم أهل الحق، وتسمى بعضهم باسم “أهل السنة”.
يقول شيخ الإسلام أبن تيمية رحمة الله عليه – في معرض كلامه عن الفرق المشار إليها في الحديث-: “فكثير من الناس يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى، فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له، هم أهل السنة والجماعة، ويجعل من خالفها هم أهل البدع،- قال-: وهذا ضلال مبين، فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة بل كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن جعل شخصاً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة، ومن خالفه كان من أهل البدع، كما يوجد ذلك في الطوائف من أتباع أئمة الكلام في الدين وغير ذلك، كان من أهل البدع والضلالة والتفرق .. وسبحان الله فان الله هتك سترهم فقدموا اقوال ائمتهم على اقوال رسول الله وقدموا واخروا فى الكتاب والسنة وفى سيرة رسول الله بما يخدم اصناما صنعوها من قادتهم ورجالهم وان جعلت كل فرقة منهم لفعلها هذا اسما فتارة هى مصلحة الدعوة وتارة هى مراعاة الاولويات وتارة هى المدارة والتقية وهم فى كل ما يزعمون يكذبون وستكون الصفحات التالية وقفات متأنية مع ما خطته اصابعهم وما ابتدعته عقولهم الخربة التى استحوذ عليها الشيطان .. البدايات والمناهج والوسائل والمآلات التى آلوا اليها والله المستعان .