ملايين من المرضى في كل عام ينتظرونً شهر رمضان الكريم برغبة شديدة في الصيام، رغم المرض وتوابعه ورغم كونهم لا يستطيعون في كثير من الأحيان تحمل مشاق الصيام. وعليهم إستشارةالطبيب قبل البدء بالصيام كما ينبغي عليهم إتباع نظام غذائي سليم بحيثيكون الطعام غنيا بالمواد الكربوهيدراتية بطيئة الهضم، وتجنب الأغذية سريعةالاحتراق. ومن الأغذية المفيدة التي تهضم ببطء هي تلك التي تحتوي على الحبوب مثل القمح، الشوفان، الفول، العدس والخبز الأسمر، أما الأغذية سريعةالاحتراق هي تلك الأطعمة المحتوية على السكر الأبيض والطحين الأبيض وغيرها. أما الأغذية الغنية بالألياف فهي الحبوب بقشورها، البقول، والخضراواتكالبازلاء والفول والفاصوليا والسبانخ، والفواكه مثل التين والمشمش وغيرها. وينبغي الحرص على تناول غذاء متوازن يحتوي على الخضراوات والفواكهوالنشويات واللحم خاصة الدجاج والسمك. أما الأغذية المقلية فهي غير صحية،وينبغي تحديد تناولها فقد تسبب عسر الهضم وازدياد الوزن.
يمثل الصوم راحة للجسم في الدرجة الأولى، وراحة لأعضاء أنهكها الإفراط فيالطعام، فيمنحها الفرصة لإصلاح ما أصابها من عطب وأذى، ويعطيها مهلة كافيةتطرح فيها السموم والفضلات، وتصبح جاهزة لعام جديد. ومع إطلالة كل رمضانتتكاثر الأسئلة من المرضى، أو من ذويهم: ما هو الغذاء الصحي في رمضان؟ وهلوزنك، في رمضان، يزداد أم ينقص؟.
وإنه لمن المؤسف أننا نرى رمضان قد أصبح مجالاً للترف والإسراف والذي من أحدمضاعفاته زيادة الوزن التي أصبحت شكوى عامة بعد إنتهاء شهر رمضان. ولوتساءلنا من أين جاءت هذه الزيادة لعلمنا أن إستهلاكنا من المواد السكريةوالدهنية قد تضاعف،وتراكمت في جسم الإنسان على هيئة دهون لا فائدة منها،بل تؤدي إلى نشوء أمراض القلب والسكر وإرتفاع ضغط الدم.
وقد جاءت بعض الدراسات العلمية لتؤكد أنه على الرغممن عدم إلتزام الكثير من المسلمين بقواعد الإسلام الصحية في غذاء رمضان،وإسرافهم في تناول الأطباق الرمضانية الدسمة والحلويات، فإن الصيام قدإستطاع إنقاص الوزن بمعدل 2 – 3 كجم. وفي هذا دلالة واضحة على أنه إذا ماالتزم الصائم نظاماً صحياً سليما في غذائه في رمضان، فإن ذلك سيؤدي إلى خفضٍأكبر للوزن، وإلى التخلص من السمنة وتبعاتها.
وعموماً، هناك بعض النصائح الغذائية التي إذا ما راعتها ربة الأسرة تساعد على مرور آمن لشهر رمضان الكريم. ومن أهم هذه النصائح تجنب الأطعمة المقلية والدهنية والتقليل من تناول اللحوم قدر الإمكان. والحذر واجب من الإفراط في الطعام، وخاصة في وجبة الإفطار. وتظل النصيحة المثلى فيرمضان وغير رمضان، وفق الآية الكريمة ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا “. كما ينصح بالتقليل من سكر الطعام قدر الإمكان ويمكن استبداله بالعسل في تحلية بعض الأطعمة واستعمل التمر بدلاً من الحلوى.
ومن المهم جدا عدم الافراط في شرب المنبهات مثل القهوة والشاي في وقت السهرة، فالقهوة والشاي حيث يتسبب المنبهات في ادرار كمية أكبر من البول مع الأملاح التي يحتاجها الجسم خلال وقت النهار.ونستبدل تلك المشروبات بعصائر الفواكه غير المحلاة وتجنب المشروبات الغازية مع ضرورة ممارسة نشاطا بدنيا منتظما، وتجنب النوم بعد الإفطار.
تسحروا فإن في السحور بركة، ولو بكأس من الماء. وينصح أن تحتوي وجبةالسحور على أطعمة سهلة الهضم كاللبن الزبادي أو الحليب والخبز والعسلوالفواكه وغيرها. وايضا ينصح بتجنب النوم بعد السحور
ومن المؤسف أن نجد بعض الناس في رمضان تضيق صدورهم فلا يكظمون غيظا، ولايحسنون تصرفا، وذلك كله بحجة أن الصيام أفقدهم القدرة على التحكم بأنفسهم.فالغضب يزيد من إفراز هرمون يدعى الأدرينالين أضعافا مضاعفة، وهذا الهرمونيسرع من ضربات القلب، ويرفع ضغط الدم، ويعزز استعداد الإنسان للايذاء البدني العنيف. وليس هذا فحسب، بل إن زيادة هرمون الأدرينالين يمكن أن تزيد التأهبلحدوث نوبة من نوبات الذبحة الصدرية عند المصابين بهذا المرض. وكثيرا مايشكو هؤلاء المرضى من انقباض في الصدر عند انفعالهم أو عندما يغضبون فتثورعندهم الشكوك بأزمة في القلب. فتجنب الغضب مسألة ضرورية تماما لتأثيرها البالغ على صحة الصائم المريض والسليم أيضاً.
ولمن يرغبون في الاقلاع عن شيطان التدخين سوف يجدون في الصيام فرصةللتدريب على ذلك. ويكفي أن نذكّر أولئك المدخنين أن السيجارة تحتوي علىأكثر من 4000 مركب كيميائي، خمسون مادة منها تسبب السرطان، ومنها ما يدمرشرايين القلب فيصاب المرء بجلطة في القلب وهو لا يزال في ريعان الشباب،ومنها ما يخرب الشعب الهوائية أو ما يصيب شرايين الأطراف.
نستقبل شهر رمضان جميعاً بالفرح والسرور والإقبال على العبادة وزيارة الأهل والأقارب، وتناول الأطعمة المختلفة دون أي هاجس أو خوف، بينمايختلف الحال كثيراً مع أصحاب الأمراض المختلفة والذين ينتابهم القلق خلالالأكل خوفاً على صحتهم من بعض الأكلات، أو أن تتسبب إحدى العادات الغذائيةالخاطئة في زيادة حدة مرضهم
ورغم أن هناك ما يربو على 400 مليون مسلم يصوم هذا الشهر العظيم، فليس كلأولئك الصائمين من الأصحاء! فهناك الملايين من المرضى الذين يتوقون لصيامشهر رمضان ولا يستطيعون. ومع إطلالة كل رمضان تتكاثر الأسئلة من المرضى، أو من ذويهم، فيما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا. والبعض يقع فريسة أوهام، فيصوم أو يفطر دونالرجوع إلى طبيب. ومن الأمراض ما تتحسن بالصيام، ومنها ما تزداد سوءابالصيام.
ولذا فهناك بعض النصائح الغذائية اللازمة بشكل مبسط ومختصر، لمساعدة هؤلاء المرضى علىالاستمتاع بقضاء هذا الشهر الكريم دون أى قلق، وكى يتناولوا الأطعمةالصحية والسليمة، التى لا تؤثر بالسلب على حالتهم المرضية أو تضر بصحتهم.
د/ لمياء لطفي