تجاوز أعداد ضحايا حوادث الطرق والمواصلات، أعداد شهداء العمليات الإرهابية، ويفتح حادث “المنيب” اليوم الملف على مصراعيه أمام حكومة المهندس “شريف إسماعيل” رئيس مجلس الوزراء، والتي عجزت هي الأخرى عن تفادي أزمات هذه الكارثة حيث تعد أزمة “الطرق والكباري”، قنبلة موقوتة في وجه المسئولين، وصداع مزمن لأي حكومة، تسببت في إقالة عدد من الوزراء والمسئولين، أمام عجزهم عن تفادي الحوادث، والتي أودت بحياة الآلاف من المصريين.
ووفق التقارير الرسمية، أعلنت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها العام الماضي، أن مصر تشهد 24 مليون حادث مرور سنويًا، بما بعادل قتيل كل 4 ساعات بسبب حوادث الطرق.
وأدرجت المنظمة مصر ضمن أسوأ عشر دول بالعالم في حوادث الطرق، حيث تتكبد مصر سنويا خسائر تقدر بنحو 10 مليارات جنيه، بسبب حوادث المرور وما ينتج عنها من قتلى ومصابين، في حين تتسبب الاختناقات المرورية في خسائر تقدر بنحو 30 مليار جنيه سنويًا.
كما تعاني أكثر من نصف الكباري والمحافظات المختلفة، من شروخ وتصدعات ومهددة بالانهيار في أي لحظة، حيث تمتلك مصر كباري عددها 1704 ، منها 67 كوبري بالقاهرة، بدأ بناؤها علي يد الفرنسيين والإنجليز بداية من النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وباتت الآن في حالة يرثى لها، بسبب انعدام الصيانة والإهمال ومخالفات الإنشاء وعيوب في الفواصل بين أجزاء الكوبري.
وتشير التقارير الرسمية إلى أن نحو 50% من الكباري تتحمل فوق قدرتها، و12% منها انتهى عمرها الافتراضي، مما يهدد بحدوث كوارث، والمفترض أن تتم عملية الصيانة كل 6 أشهر خاصة الفواصل والحواجز المعدنية وعوازل الرطوبة التي تتسلل إلى الخرسانة الحديدية.
وقال المهندس عادل الكاشف، رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور، إن ملف الطرق والنقل تسبب في إقالة عدد من الوزراء والمحافظين، ووصفها بأنها مشكلة متزامنة لحكومات متوالية عجزت عن التصدي لها بأسلوب علمي، مؤكدا أن لابد في البداية من توافر إرادة سياسية ترغب في إنهاء الأزمة.
وحدد عدة عوامل للتخلص من حوادث الطرق المتكررة تتمثل في، تطبيق المواصفات العالمية على جميع الخدمات سواء في الطرق أو السكك الحديدية، والتي عفا عليها الزمن منذ أكثر من 25 عاماً.
وكذلك تفعيل الرقابة والإشراف مختلف الخدمات، والاستعانة بجيل جديد من المهندسين لتنفيذ المشروعات وإدخال دماء جديد وفكر مختلف، والانتهاء من مشروعات الطرق في التوقيت المحدد لها.
وقال المهندس مجدي صلاح الدين، رئيس قسم الإنشاءات والطرق بهندسة القاهرة، إن مصر بها عدد كبير من الكباري الآيلة للسقوط، والتي تهدد ملايين الأرواح من المصريين، وعلاج الأزمة يتطلب حصر هذه الكباري ووضع خطة عاجلة يقوم بها متخصصين لترميم هذه الكباري وإصلاحها، فضلا عن الاهتمام بعنصر الصيانة الدورية.
وأشار إلى أنه حتى الآن يستخدم المسئولين المسكنات والكلام المرسل دون أي تطبيق فعلي على أرض الواقع، لذا تتأزم المشكلة بمرور الوقت، وتكون الفاجعة بانهيار أحد الكباري فوق المواطنين.
وأوضح أن المشكلة تبدأ من التخطيط والتنفيذ، وعدم تنفيذ برامج الصيانة المطلوبة إما لقلة الاعتمادات أو أنها توجه إلى إنشاءات جديدة، وترك الإنشاءات القديمة لتهدد حياة جميع المصريين.
وطالب بتشكيل لجان قومية تطبق الأسلوب العلمي وفق الإمكانيات المتاحة، ووضع برامج زمنية محددة لصيانة الكباري والطرق بأنواعها المختلفة.