بقلم: فاطمة البديوي
حذر الإسلام من عمل السحر وذمه فى مواضع وليس ذلك بمقتضى إثبات حقيقة وجودية للسحر على الإطلاق ولكنه تحذير من فساد العقائد
وخلع قيود الديانة ومن سخيف الأخلاق .
وقد اختلف علماء الإسلام فى إثبات حقيقة السحر وإنكارها وهو اختلاف فى الأحوال فيما أراه فكل فريق نظر إلى صنف من أصناف ما يدعى بالسحر .
وحكى عياض فى إكمال العلم أن جمهور أهل السنة ذهبوا إلى إثبات حقيقته. قلت وليس فى كلامهم وصف كيفية السحر الذى أثبتوا حقيقته وإنما أثبتوه على الجملة.
وذهب فريق آخر إلى أن السحر لاحقيقة له وإنما هو تمويه وتخييل وأنه ضرب من الخفة والشعوذة ووافقهم على ذلك بعض أهل السنة .
وشدد الفقهاء العقوبة فى تعاطيه فقال مالك : يقتل الساحر ولا يستتاب إن كان مسلما إن كان ذميا لا يقتل بل يؤدب إلا إذا أدخل بسحره أضرارا على مسلم فإنه يقتل لأنه يكون ناقضا للعهد لأن من جملة العهد أن لا يتعرضوا للمسلمين بالأذى ورأى مالك أيضا أن السحر كفر وشرك بدليل أن صاحبه يستتر بأفعال السحر مثل من يظهر الإسلام ظاهرا فقط أما فى الباطن كافر ولكن لايقتل حتى يثبت أن ما يفعله من السحر هو الذى وصفه الله بأنه كفر ويكشف ذلك من يعرف حقيقته ويثبت ذلك عند الإمام . ولكن قيل إذا عمل السحر لأجل القتل وقتل به قتل هذا الساحر وان لم يكن عمل السحر فيه كفرا.
فلا شك أن السحر الذى جعل جزاؤه القتل هو ماكان كفرا صريحا مع الاستتار به أو حصل به إهلاك النفوس وذلك أن الساحر كان يعد من يأتيه للسحر بأن فلانا يموت الليلة أو غدا أو يصيبه جنون ثم يتحيل فى إيصال سموم خفية من العقاقير إلى المسحور تلقى له فى الطعام بواسطة أناس من أهل المسحور فيصبح المسحور ميتا أو مختل العقل فهذا مراد مالك بأن جزاءه القتل أى إن قتل ولذلك لاتقبل توبته .
وقال أبو حنيفة يقتل الساحر ولا يستتاب وأما المرأه فتحبس حتى تتركه فجعل حكمه حكم المرتد وقال ابو يوسف وهو من تلاميذ أبو حنيفه :أن وجه ذلك بأن الساحر جمع مع كفره السعى فى الأرض بالفساد .
وقال الشافعى يسأل الساحر عن سحره فإذا ظهر منه ما هو كفر كالمرتد يستتاب فإن أصر قتل وإن ظهر منه تجويز تغيير الأشكال لأسباب قراءة تلك الأساطيرأو تدخين الأدوية وعلم أنه يفعل محرما فحكمه حكم الجناية فإن اعترف بسحر إنسان وأن سحره يقتل غالبا يعنى أنه ثبت أنه مات بسببه وإن قال إن سحرى قد يقتل وقد لا يقتل فهو شبه عمد ، فإن كان سحره لغير القتل فمات منه فهو قتل خطأ تجب الديه فيه مخففه من ماله .
ويجب أن يستخلص من اختلافهم ومن مفترق أقوالهم ما يكون فيه بصيرة لإجراء أعمال ما يسمى بالسحر مجرى جنايات أمثاله ومقدار ما أثره من الأعتداء دون مبالغة ول أوهام . ومع كل نقول فى ختام الكلام عن السحر قوله تعالى (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿١٠٢﴾)صدق الله العظيم