كتب: علاء البهنساوي
انتشر الإسلام في كثير من دول العالم ليس بالخطب الرنانة ولكن بصدق المعاملة وحسن الخلق وقد تذوق الغرب الإسلام في معاملات المسلمين التجارية وحسن سلوكهم الخلقي حيث كان الغرب بمغرياته وتحرره ونسائه وخمورة لا يُلفت نظر المسلمين فسأل الناس من هؤلاء الذين يتركون ملذاتنا وشهواتنا ملتزمين بشئ لا نعرفه فقيل لهم هؤلاء هم المسلمون فعرفو الإسلام من التطبيق ولم يعرفوه من النصوص ففتحت قلوبهم له وأحبوه وقد التقيت مع شاب بوذي يتحث العربية كونه يعمل في بلد عربي وسألته هل من الممكن أن تدخل الإسلام قال لا ولماذا أدخل الإسلام والمسلمون لا يحترمون أدميتنا ويأكلون حقوقنا ونحن في ديننا لا نذبح البقر ولا الغنب ولا أي كائن حي لأن الروح ملك الله ولا نجرأ على أخذها.
والإسلام دين الحب والتسامح لا يعرف العنف والتطرف دين ارتضاه الله لعباده وختم به الديانات, دستورة القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كتاب متجدد تصلح نصوصه لكل زمان ومكان ولما كان الله في الديانات السابقة يُوكل حفظ كتبه إلى البشر خانو تلك الأمانة وحرفوها. انفرد الله بحفظ القرآن فقال “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”سورة الحجر 9 لأن طابع النفس البشرية يميل إلى التخفيف وعدم التقييد بالأوامر والنواهي وما حدث في الديانات السابقة حدث أيضاً في الإسلام لكن بقيود فالله تكفل بحفظ نص القرآن فلا يجرؤ أحد بتغيير نصوصه ولكن تجرأ بعض الذين لا يحسنون الفهم عن الله وفسروا بعض أيات القرآن على هواهم ويعد هذا بمثابة تحريف التطبيق لا تحريف النص وساعدتهم في ذلك بعض نصوص الحديث التي لها أسباب ووقائع حية قد تصلح في زمن النبي ولا تصلح في زماننا لذك رفع الحرج عنا صلى الله عليه وسلم فقال “ما أمرتكم فأتو منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فأنتهو”
إن دعوة الإسلام دعوة راقية تحمل في مضمونها الحب والسلام للعالم وقد أساء بعض المسلمين إلى دينهم أكثر ما يسئ أعداؤه وأثارو قضايا جدلية لا نفع من ورائها حيث قالو “المسيحي كافر أم مؤمن” والسؤال هنا هل يضر الإسلام كفر المسيحي أم إيمانه ولا نستطيع إلقاء اللوم على المسيحين لعدم دخولهم الإسلام لأننا نحن من قصرنا في شرح الإسلام والتخلق بأخلاق النبي ولقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التعامل مع غير المسلمين من اليهود والنصارى حيث منح حرية اختيار الدين لهم وقد أتى رجل من الأنصار وله أبناء تنصروا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم أباهم إلى الإسلام لكنهم رفضو واختصموا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الرجل (يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)سورة البقرة256.
الإسلام دعوة عالمية ليست قاصرة على العرب وهناك خطابان أساسيان في القرآن الكريم هما قولا الله تعالى (يا أيها الناس) وهو خطاب ترغيب, (يا أيها الذين آمنو) وهنا خطاب تكليف ولم يقل (يا أيها المسلمون) خاطب الناس وخاطب المؤمنين ولم يخاطب المسلمين فنحن أمة العمل وليست أمة الجدل والعدل هو أساس بناء الدول المتقدمة وقد سرق رجل مسلم درعاً من جارٍ له مسلم وخبأها عند يهودي ثم اتهم صاحب الدرع اليهودي بسرقتها وكاد النبي أن يصدقهم بسبب الدلائل ويعاقب اليهودي فأنزل الله قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)سورة النساء فقام النبي وأعلن برائة اليهودي وأدان المسلم هذا هو العدل الذي كان سبباً أساسياً في محبة غير المسلمين للإسلام وليست الخطب والشعارات وتقصير الثياب وإطلاق اللحية فعمل رجل في الف رجل خير من قول ألف رجل لرجل.
ومن حسن تعاليم الإسلام عدم النهي عن تعامل غير المسلمين فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استدان بعض الدراهم من يهودي ولم يحن وقت سدادها وبينما النبي جالس في أصحابة أتاه اليهودي وشده شداً عنيفاً وقال بغلظة(أوفِ ما عليك من دين يا محمد فقام عمر بن الخطاب وطلب من الرسول قتله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر (مره بحسن الطلب ومرني بحسن الأداء) فرد اليهودي والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لأطلب منك ديناً إنما جئت لأختبر أخلاقك فأنا أعلم أن موعد الدين لم يحن بعد وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله وحسن اسلام ذلك اليهودي
وعندما قدم وفد نجران وكانوا من النصارى دخلوا على الرسول عليه السلام واجتمعوا معه في مسجده، وعندما حان وقت صلاتهم قاموا يصلّون في المسجد فأراد الصحابة منعهم إلا أن الرسول عليه السلام قال: (دعوهم). ولم يأمر بقتلهم ولم يصادر أموالهم بل تعامل معهم بصدق وأمانة فعرفو سماحة الإسلام وخلق المسلمين.