فضل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالنسب وبالرسالة وهو أفضل المرسلين وخاتمهم ففضله بالنسب كما ورد عن واثلة بن الأسقع رضى الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول 🙁 إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفانى من بنى
هاشم ) .
وهو أفضل المرسلين وخاتمهم كما ورد عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:( مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأجملها إلا موضع لبنه من زاوية من زواياها،فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون : ألا وضعت ها هنا لبنه ! فيتم بنيانك )فقال محمد صلى الله عليه وسلم : (فكنت أنا اللبنة).
فصدق الله العظيم إذ يقول : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿١٢٨﴾التوبة
فمن المؤكد أن كل نبى حريص على إجابة قومه لدعوته لمصلحتهم ويبذل فى سبيل ذلك جهده ويتحمل من مكذبيهم وسفهائهم قدر الطاقة لكن من الرسل من ضاق ذرعه بعصيانهم ومنهم أولو العزم الذين طال صبرهم وعظم بلاؤهم وعلى رأسهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقد ينفذ الصبر فيدعو الرسول على العاصين وقد يتمكن من أعدائه فينتقم منهم بحكم الطبيعة البشرية أما أن يقابل السيئة بالحسنة فى عامة أحواله فهذه هى الخصوصية فحينما ذهب إلى الطائف يدعوا أهله لصالحهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور سخروا منه واستهزئوا به وسبوه وقذفوه بالحجارة حتى أدموا قدميه فاستند إلى سور حديقة مجهدا متعبا مغتاظا فينزل عليه ملك الجبال يعرض عليه أن يطبق عليهم الجبال فيقول : لا. اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون .
وأيضا حينما اغتيل أعز أعمامه، أسد الله حمزه بن عبد المطلب وتبقر هند زوجة أبى سفيان بطنه وتخرج كبده تلوكها فى فمها فيقدر عليهما فيعفوا عنهما.
وأيضا يفتح مكة فيمكنه الله ممن آذوا أصحابه وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم فيقول لهم : ما تظنون أنى فاعل بكم ؟ فيقولون أخ كريم وابن أخ كريم ، فيقول لهم : لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته : لا تثريب عليكم اليوم . اذهبوا فأنتم الطلقاء .
وأيضا حينما ذهب إليه أعرابى يطلب إحسانه من بيت المال بخناق ثوبه ويجذبه منه حتى يؤثر الثوب فى رقبته وهو يقول : يا محمد أعطينى من مال الله الذى عندك فإنه ليس من مالك ولا من مال أبيك ويثور عمر رضى الله عنه فيجرد سيفه ويقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : دعنى أدق عنق هذا المنافق فيمنعه صلى الله عليه وسلم ويدخل إلى بيت المال فيخرج له ما شاء الله ، ثم يقول له :أأحسنت ؟فيقول الأعرابى : ما أحسنت وما أجزلت . فيثور عمر رضى الله عنه ثانية ، فيمنعه صلى الله عليه وسلم ويدخل ، فيزيد الرجل ، ثم يقول له : أأحسنت ؟ فيقول له : لا. ما أحسنت وما أجزلت ويثور عمر حتى لا يكاد يملك نفسه فيمنعه صلى الله عليه وسلم ويدخل فيزيد الرجل ويقول صلى الله عليه وسلم : إن مثلى ومثلكم ومثل هذا كرجل شردت ناقته ، فجرى الناس خلفها ، يمسكونها فكلما رأتهم يطاردونها زادت شرودا ، فقال لهم صاحبها : خلوا بينى وبين ناقتى ثم أخذ فى يده شيئا من حشيش الأرض وتقرب به إليها ، فجاءت وبركت واستناخت . صلى الله عليه وسلم {بالمؤمنين رءوف رحيم }منع العصاة أن يقعوا فى النار يبذل جهده الخارق فى الحيلولة بينهم وبين المعاصى ، لكن كثيرا منهم تغلبهم شهوتهم ونفسهم الأمارة بالسوء فينهمكون فى الشهوات فيقعون فى نار الآخرة .
فقد كانت رسالته صلى الله عليه وسلم خاتمة الرسالات وقمتها فكل نبى جاء بشرع أصلح الإنسانية بعض الإصلاح فكانت الأنبياء السابقون كمن يبنى جزءا من بيت حتى كاد يكتمل البناء إلا زاوية من زواياه ، لو بنيت لاكتمل فكان صلى الله عليه وسلم ممثلا فى البناء هذه الزاوية محققا تمام البناء واكتمال الشرائع ووصول البشرية إلى أرقى عباداتها وصلاحها بما جاء به من شرع حكيم صالح لكل زمان ومكان إلى يوم الدين فاستحق كونه سيد ولد آدم وأول شافع وأول مشفع فلا يشفع ولا يؤذن بالشفاعة لأحد قبله ولا معه ولا يقوم بالشفاعة قبله ولا معه أحد .