بقلم : إجناثيو آرتذا .
١٤ يونيو هو اليوم الوطني للقضاء علي ختان الإناث تكريماً للطفلة بدور شاكر ذات الاثنى عشر عاماً من المنيا، والتي راحت ضحية هذه العادة غير الإنسانية في نفس ذات اليوم من عام ٢٠٠٧. في يونيو ٢٠١٣، لقيت سهير الباتع من الدقهلية وتبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً نفس المصير. وتحمل هاتان المأساتان ألماً موجعاً، لكن لم تذهبا هباءً، فنتيجة للتعبئة العامة، تم تجريم ختان الإناث في عام ٢٠٠٨ وفقاً للقانون ويجرى حالياً نظر القضية الجنائية الأولي.
ختان الإناث هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وواحد من أسوأ أشكال التمييز ضد النساء والفتيات. كان ختان الإناث من القضايا غير القابله للنقاش اجتماعياً لسنوات عديدة. والمقبول بشكل كبير نتيجة للعقليات المحافظة، خاصة فى المناطق الريفية بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية الفقيرة وضعف الخدمات العامة. ورغم ارتفاع معدل الانتشار خاصة بين النساء الأكبر سناً، فإن الفتيات والأمهات اللاتي ينتمين للجيل الجديد هن أكثر تجاوباً مع حملات التوعية لمناهضة ختان الإناث.
وأشارت بيانات المسح الديموجرافي والصحي حدوث بعض التحسن على مدار العقدين السابقين؛ فوصل معدل الانتشار فى عام 2008 إلى 74% للنساء ما بين 15-17 عاماً مقارنة بـ 95% للنساء ما بين 30-34 عاماً. ولكن يبقى مبعث القلق فى أن 72% من الممارسة تتم عن طريق أطباء. أسهمت الجهود المشتركة لنشطاء المجتمع، والمسئولين، والوكالات التنموية والإعلام فى تحقيق اختلاف للتخلص التدريجى من الممارسة التقليدية الضارة. فى فبراير الماضى قابلت مجموعة من السيدات، والرجال والفتيات فى محافظة الفيوم والذين يعملون بنشاط لمناصرة القضاء على ختان الإناث.
فأخبرنا أب ومدرس بأنه فور علمه أن ختان الإناث هو مجرد عادة متوارثة وليس له أى أساس ديني قرر عدم إلحاق هذا الألم بابنته، وأيضاً بدأ فى مناقشة زملائه فى ضرر تلك العادة. وبالحديث أيضاً مع مجموعة أخري فى محافظة أسوان، تحدثت أم عن تجربتها الشخصية المريرة وعدم رغبتها في أن تعرض بناتها لما مرت به رغم الإعتراض الشديد من قبل حماتها.
سيدة أخرى تحولت إلى ناشطة مجتمعية، وبالرغم من أنها كانت إلى وقت قريب تضطر للقاء الأسر الأخري سراً لتوصيل رسالتها، فإنها الآن تتم دعوتها من جانب العديد من الأسر للتوعية بخطورة تلك الممارسة. وكما يتضح من هذه القصص الواقعية، فبمجرد تغيير وجهة نظرهم فى هذه الممارسة الضارة، يصبحون من أقوي المساندين ضد ختان الإناث. ومازالت التحديات ضخمة ولا يستهان بها لدولة كبيرة مثل مصر: يعتبر تغيير التقاليد الضارة هدفاً على المدى الطويل ويحتاج إلى جيل لتحقيقه بطريقة مستدامة. فتعزيز حقوق المرأة والتغلب على الممارسات التمييزية ضد المرأة والفتاة تعتبر قضية تنموية تهم المصريين جميعاً وليس الضحايا فقط. فالمجتمع المصرى لن يتقدم دون التعامل مع تلك القضية من هذا المنطلق. يجب أن نعمل معاً من أجل هذه المهمة بما فى ذلك: الأسر، المجتمع المدنى، الحكومة، الوكالات التنموية والإعلام.
فبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى بمصر يعمل للقضاء على ختان الإناث منذ عام ٢٠٠٣. ويدعم حالياً البرنامج الوطنى لمناهضة ختان الإناث بالتعاون مع المجلس القومى للسكان، اليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والسلطات المحلية والمجتمع المدنى، وقد تم تنفيذ البرنامج بفضل المساهمة السخية من الاتحاد الأوروبى وحكومات السويد وهولندا والمانيا. “إجناثيو آرتذا” “المدير القطرى لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر”.